كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 13)

بقي مسائل مهمة ذكرها في الروض وهي قوله: «ومن طلق في قلبه لم يقع» (¬1)، كإنسان أضمر في نفسه أن يطلق زوجته يقول صاحب الروض: «فإنه لا يقع الطلاق؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم» (¬2)، وهذا الرجل حدث نفسه بالطلاق فلا يقع، ولأن الطلاق فسخ، والفسخ لا بد أن يكون باللفظ كالعقد.
كذلك يقول: «وإن تلفظ به أو حرك لسانه وقع» إن تلفظ به وقع ولا إشكال، أو حرك لسانه لكن ما لفظ يقول المؤلف: إنه يقع الطلاق، والصواب أنه لا يقع لأنه ما وجد منه اللفظ، والطلاق لفظ.
ولو كان مصاباً بالوسواس وجرى على لسانه بدون قصد: زوجتي طالق فما يقع الطلاق، ولو أنه قصد الطلاق لكن قال: أريد أن أتخلص من هذا الوسواس، فلا يقع الطلاق؛ لأنه مغلق عليه، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لا طلاق في إغلاق» (¬3).
فإن قيل: لو أن رجلاً موسوساً في الطهارة، وشك هل خرج منه شيء أو لا؟ فقال: سأبول حتى أتيقن الحدث وبال، فإنه يكون مُحدثاً، وهذا مثله؛ لأن كليهما فعل ذلك دفعاً للوسواس، فنقول: الوضوء ينتقض بهذا، سواء كان باختيار أو بغير اختيار بخلاف الطلاق، هذا هو الفرق.
¬__________
(¬1) الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/ 518).
(¬2) أخرجه البخاري في الطلاق/ باب الطلاق في الإغلاق يكره ... (5269)، ومسلم في الإيمان/ باب تجاوز الله عن حديث النفس ... (127) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(¬3) سبق تخريجه ص (28).

الصفحة 88