كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 13)

وقالَ الْمِسْوَرُ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَكَرَ صِهْرَاً لَهُ فأثناى علَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ فأحْسَنَ قَالَ حدَّثني وصدَّقَنِي ووَعَدَنِي فَوفاى لي
الْمسور، بِكَسْر الْمِيم: ابْن مخرمَة، وَهَذَا التَّعْلِيق مضى عَن قريب فِي بَاب: (من أَمر بإنجاز الْوَعْد) ، وَأَرَادَ بصهره، أَبَا الْعَاصِ ابْن الرّبيع زوج بنته زَيْنَب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أسر يَوْم بدر فمنَّ عَلَيْهِ بِلَا فدَاء كَرَامَة لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ قد أَبى أَن يُطلق بنته، إِذْ مَشى إِلَيْهِ الْمُشْركُونَ فِي ذَلِك، فَشكر لَهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مصاهرته، وَأثْنى عَلَيْهِ، ورد زَيْنَب إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد بدر بقريب حِين طلبَهَا مِنْهُ، وَأسلم قبل الْفَتْح.

9 - (حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ حَدثنَا اللَّيْث قَالَ حَدثنِي يزِيد بن أبي حبيب عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَحَق الشُّرُوط أَن توفوا بِهِ مَا استحللتم بِهِ الْفروج) مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث وَهُوَ أَن أَحَق الشُّرُوط بِالْوَفَاءِ مَا يسْتَحل بِهِ الرجل فرج الْمَرْأَة وَهُوَ الْمهْر والترجمة الشُّرُوط فِي الْمهْر عِنْد عقد النِّكَاح من تَعْيِينه وَبَيَان كميته وَكَونه حَالا أَو منجما كُله أَو بعضه وَغير ذَلِك وَأَبُو الْخَيْر ضد الشَّرّ واسْمه مرْثَد بن عبد الله الْيَزنِي والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي النِّكَاح عَن أبي الْوَلِيد وَأخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن يحيى بن أَيُّوب وَعَن ابْن نمير وَعَن ابْن أبي شيبَة وَعَن أبي مُوسَى وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن عِيسَى بن حَمَّاد عَن اللَّيْث بِهِ وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى بِهِ وَعَن يُوسُف بن عِيسَى وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عِيسَى بن حَمَّاد بِهِ وَعَن عبد الله بن مُحَمَّد وَفِي الشُّرُوط عَن عبيد الله بن سعيد وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي النِّكَاح عَن عَمْرو بن عبد الله وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " أَحَق الشُّرُوط " وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ " أَن أَحَق الشُّرُوط " هَل المُرَاد بقوله أَحَق الْحُقُوق اللَّازِمَة أَو هُوَ من بَاب الْأَوْلَوِيَّة قَالَ صَاحب الأكمال أَحَق هُنَا بِمَعْنى أولى لَا بِمَعْنى الْإِلْزَام عِنْد كَافَّة الْعلمَاء قَالَ وَحمله بَعضهم على الْوُجُوب وَالْمرَاد بِالشُّرُوطِ الَّتِي هِيَ أَحَق بِالْوَفَاءِ هَل هُوَ عَام فِي الشُّرُوط كلهَا أَو الشُّرُوط الْمُبَاحَة أَو مَا يتَعَلَّق بِالنِّكَاحِ من الْمهْر والنحلة وَالْعدة أَو المُرَاد بِهِ وجوب الْمهْر فَقَط وَلَا شكّ فِي أَن الشُّرُوط الَّتِي لَا تجوز خَارِجَة عَن هَذَا وَأَنَّهَا لَا يُوفي بهَا وَكَذَلِكَ الشُّرُوط الَّتِي تنَافِي مُوجب العقد كاشتراط أَن يطلقهَا أَو أَن لَا ينْفق عَلَيْهَا أَو نَحْو ذَلِك ثمَّ اخْتلفُوا هَل تلْزم الشُّرُوط الْجَائِزَة كلهَا أَو مَا يتَعَلَّق بِالنِّكَاحِ من الْمهْر وَنَحْوه فروى ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبي الشعْثَاء عَن الشّعبِيّ قَالَ إِذا شَرط لَهَا دارها فَهُوَ بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا وَقَالَ النَّوَوِيّ قَالَ الشَّافِعِي وَأكْثر الْعلمَاء هَذَا مَحْمُول على شُرُوط لَا تنَافِي مُقْتَضى النِّكَاح بل تكون من مُقْتَضَاهُ ومقاصده كاشتراط الْعشْرَة بِالْمَعْرُوفِ والإنفاق عَلَيْهَا وكسوتها وسكناها بِالْمَعْرُوفِ وَأَنه لَا يقصر فِي شَيْء من حُقُوقهَا وَيقسم لَهَا كَغَيْرِهَا وَأما شَرط يُخَالف مُقْتَضَاهُ كَشَرط أَن لَا يقسم لَهَا وَلَا يتسرى عَلَيْهَا وَلَا ينْفق عَلَيْهَا وَلَا يُسَافر بهَا وَنَحْو ذَلِك فَلَا يجب الْوَفَاء بِهِ بل يَلْغُو الشَّرْط وَيصِح النِّكَاح بِمهْر الْمثل وَاسْتدلَّ بَعضهم على أَنه إِذا اشْترط الْوَلِيّ لنَفسِهِ شَيْئا غير الصَدَاق أَنه يجب على الزَّوْج الْقيام بِهِ لِأَنَّهُ من الشُّرُوط الَّتِي اسْتحلَّ بِهِ فرج الْمَرْأَة فَذهب عَطاء وَطَاوُس وَالزهْرِيّ أَنه للْمَرْأَة وَبِه قضى عمر بن عبد الْعَزِيز وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَأبي عبيد وَذهب عَليّ بن الْحُسَيْن ومسروق إِلَى أَنه للْوَلِيّ وَقَالَ عِكْرِمَة إِن كَانَ هُوَ الَّذِي ينْكح فَهُوَ لَهُ وَخص بَعضهم ذَلِك بِالْأَبِ خَاصَّة لتبسطه فِي مَال الْوَلَد وَذهب سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير إِلَى التَّفْرِقَة بَين أَن يشْتَرط ذَلِك قبل عصمَة النِّكَاح أَو بعده فَقَالَا أَيّمَا امْرَأَة أنكحت على صدَاق أَو عدَّة لأَهْلهَا فَإِن كَانَ قبل عصمَة النِّكَاح فَهُوَ لَهَا وَمَا كَانَ من حباء لأَهْلهَا فَهُوَ لَهُم فَقَالَ مَالك إِن كَانَ هَذَا الِاشْتِرَاط فِي حَال العقد فَهُوَ للْمَرْأَة وَإِن كَانَ بعده فَهُوَ لمن وهب لَهُ وَاحْتج لذَلِك بِمَا روى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة ابْن جريج عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ

الصفحة 299