كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 13)
عشرات السنين، فإنه يستهزأ بالعلم نفسه بل يستهزأ بنفسه قبل كل شيء. وأخص بالذكر هنا الناس الذين ينكرون وجود الجن والملائكة والشياطين فمنهم من يحاول الاستهزاء بالأمر، ومنهم من يحاول إدخاله في بحوث مقارنة مع مفاهيم أخرى كالهندوسية والمجوسية ومفاهيم الأديان الأخرى، ومنهم غير ذلك، أقول لهم بأن يقدموا لنا دليلا علميا واحدا يدل على عدم وجود الجن أو مواصفاته أو عدم إمكانية تأثيره على الإنسان فقد يأتي يوم .. ولا أظنه ببعيد يثبت هذا الأمر فتصبحون عندئذ في موقف لا تحسدون عليه «1». فالكلام العمومي سهل وفلسفة الأشياء حسب معتقدات أي إنسان ليست بصعبة، ولكن لكي تثبت للناس ما تعتقد عليك أن تبحث وتتعب نفسك بالبحث حتى تعطي الدليل العلمي القاطع إما لصالحك وإما عكس ذلك ولكن في كل الأحوال فهو في صالح البشرية، فقد قدمت لها ما يعينها على فهم الأمور بشكل صحيح.
وللّه در كلمات الدكتور روبرت موريس بيج «2» إذ يقول: إذا أراد الإنسان أن يتثبت من صحة المعلومات الغيبية التي يخبره بها شخص آخر، فلا بد من أن يشترك في التجربة ويتهيأ لها حتى يستطيع أن يحكم عليها، وكذلك الحال فيما يتعلق بالإيمان باللّه، فلا بد أن يدرس الإنسان أولا نوع العلاقات التي يمكن أن تكون بينه وبين خالقه، وما ينبغي أن تكون عليه هذه العلاقات، فإذا درس الإنسان الشروط اللازمة التي يلزم توفرها لقيام هذه العلاقة واتجه بقلبه وكليته نحو تحقيق هذه الشروط فإنه سوف يشاهد الحقيقة الكاملة وعندئذ يغمر الإيمان قلبه ويؤثر في حياته ولا يدع في نفسه مجالا للشك، وإذ ذاك يكون اللّه أقرب إليه من نفسه ويصير إيمانه به يقينا «3».
______________________________
(1) انظر كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم).
(2) عالم الطبيعة الحاصل على الدكتوراة في العلوم من جامعة هاملين، كان أول من اكتشف الرادار في العالم سنة 1934، وسجل نحو 37 بحثا في الرادار وألف الكثير من الكتب.
(3) عن كتاب، اللّه يتجلى في عصر العلم، وفيه شهادات ل 30 عالم من كبار علماء الدنيا ومن المخترعين والمستكشفين والعباقرة، تحرير جون كلوثر مونسما، ترجمة الدمرداش عبد المجيد سرحان، ط/ 3، مؤسسة الحلبي، القاهرة، 1968. نقلها الدكتور عماد الدين خليل في كتابه مدخل إلى موقف القرآن الكريم من العلم، ص 63.