كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 13)
النفس والروح من المنظور القرآني:
اختلف الناس في النفس والروح فقال بعضهم هما شيء واحد مسمى اسمين. كما يقال إنسان ورجل وهما الدم أو متصلان بالدم يبطلان بذهابه، والدليل على ذلك أن الميت لا يفقد من جسمه إلا دمه، واحتجوا لذلك أيضا من اللغة، فالعرب يقولون:
نفست المرأة إذا حاضت، ونفست من النفس، وبقولهم للمرأة عند ولادتها نفساء لسيلان النفس وهو الدم، وربما لم يزل جاريا على ألسنة الناس من قولهم: سالت نفسه إذا مات.
وقال آخرون: هما شيئان، فالروح باردة، والنفس حارة، ولهذا النفخ يكون من الروح ولذلك تراه باردا، بخلاف النفس من النفس فإنه سخين. وسميت العرب النفخ روحا لأنه من الروح يكون على مذهبهم في تسمية الشيء بما كان متصلا به، وسببا له فيقولون للنبات ندى لأنه بالندى يكون، ويقولون للمطر سماء لأنه من السماء ينزل.
واللّه تعالى يقول: ويَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) (الإسراء: 85). وقد ذهب المفسرون على أن الروح روح الحياة في هذه المواضع، وذهب بعضهم إلى أنه ملك من الملائكة يقوم صفا وتقوم الملائكة صفا «1».
جاءت كلمة روح في القرآن الكريم 4 مرات وكما يأتي:
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193)، (الشعراء: 193) ... وتعني جبريل عليه السلام ...
رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (15)، (غافر: 15) ... وتعني جبريل عليه السلام ... يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وقالَ صَواباً (38)، (النبأ: 38) ... وتعني جبريل عليه السلام ... والمرة الرابعة هي الآية التي ذكرناها آنفا.
أما كلمة نفس فجاءت 7 مرات وأنفس 5 مرات، وكما يأتي:
وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ والْعَيْنَ بِالْعَيْنِ والْأَنْفَ بِالْأَنْفِ والْأُذُنَ بِالْأُذُنِ والسِّنَّ بِالسِّنِّ والْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ
______________________________
(1) تفسير الأحلام الكبير لابن سيرين، ص 7 - 8، طبعة دار الفكر، بيروت، لبنان، 1422 ه، 2000 م.