كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 13)
نجا سالم والنفس منه بشدقه ... و لم ينج إلا جفن سيف ومئزرا
قال ابن بري الشعر لحذيفة بن أنس الهذلي وليس لأبي خراش كما زعم الجوهري وقوله نجا سالم ولم ينج كقولهم أفلت فلان ولم يفلت إذا لم تعد سلامته سلامة والمعنى فيه لم ينج سالم إلا بجفن سيفه ومئزره وانتصاب الجفن على الاستثناء المنقطع أي لم ينج سالم إلا جفن سيف وجفن السيف منقطع منه والنفس هاهنا الروح كما ذكر ومنه قولهم فاضت نفسه، قال ابن خالويه النفس الروح، والنفس ما يكون به التمييز والنفس الدم والنفس الأخ والنفس بمعنى عند والنفس قدر دبغة قال ابن بري أما النفس الروح والنفس ما يكون به التمييز فشاهدهما قوله سبحانه: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها فالنفس الأولى هي التي تزول بزوال الحياة والنفس الثانية التي تزول بزوال العقل وأما النفس الدم فشاهده قول السموأل:
تسيل على حد الظبات نفوسنا ... و ليست على غير الظبات تسيل
وإنما سمى الدم نفسا لأن النفس تخرج بخروجه وأما النفس بمعنى الأخ فشاهده قوله سبحانه فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ وأما التي بمعنى عند فشاهده قوله تعالى حكاية عن عيسى - على نبينا محمد وعليه الصلاة والسلام - تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي ولا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ أي تعلم ما عندي ولا أعلم ما عندك والأجود في ذلك قول ابن الأنباري إن النفس هنا الغيب أي تعلم غيبي لأن النفس لما كانت غائبة أوقعت على الغيب ويشهد بصحة قوله في آخر الآية قوله إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ كأنه قال تعلم غيبي يا علام الغيوب والعرب قد تجعل النفس التي يكون بها التمييز نفسين وذلك أن النفس قد تأمره بالشيء وتنهى عنه وذلك عند الإقدام على أمر مكروه فجعلوا التي تأمره نفسا وجعلوا التي تنهاه كأنها نفس أخرى. والنفس يعبر بها عن الإنسان جميعه كقولهم عندي ثلاثة أنفس). (روي عن ابن عباس أنه قال لكل إنسان نفسان إحداهما نفس العقل الذي يكون به التمييز والأخرى نفس الروح الذي به الحياة وقال أبو بكر بن الأنباري من اللغويين من سوى النفس والروح وقال هما شيء واحد إلا أن النفس مؤنثة والروح مذكر قال: وقال غيره الروح هو الذي به الحياة والنفس هي التي بها العقل فإذا نام النائم قبض اللّه نفسه ولم يقبض روحه ولا يقبض الروح إلا عند الموت قال وسميت