كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 13)

أن خوارق العادات أعطيت لكل الأنبياء وشاهدها أهل زمانها فقط، وأن ما وثق منها في الكتب السماوية التي سبقت القرآن قد اعتراه التحريف والتبديل، والدليل أنك لا تجد طبعة للإنجيل تشبه الأخرى، وأما التوراة فقد حرفت على أهواء بني إسرائيل، وليست هي توراة موسى الأصلية، ففيها ما فيها من أساطير تنافي العلم والعقل والمنطق كدليل على الوضع والتحريف البشري الذي أصابها.
أما القرآن فقد صمد لأكثر من 1400 سنة دون تحريف وسيستمر على هذا لأن اللّه تعالى تعهد بحفظه: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9) (الحجر: 9).
من الناس من يقول أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم يأت بمعجزات كما جاء بها الأنبياء من قبله، كعدم الاحتراق بالنار التي وضع بها سيدنا إبراهيم عليه السّلام، وشق البحر لسيدنا موسى عليه السّلام، وتسخير الرياح والجن لداود وسليمان عليهما السلام، وإحياء الموتى لسيدنا عيسى عليه السّلام، وغيرهم من الأنبياء والرسل - عليهم السلام جميعا - .. ونسي هؤلاء المدعون أن هذه المعجزات المادية يصدقها أهل زمانها من الذين رأوها بأعينهم بينما يظل الذين يأتون من بعدهم بين مصدق وشاك ومكذب. بينما الإسلام ومعجزته الخالدة - القرآن الكريم - كانا وسيظلان على مر العصور منارا ونبراسا يحكي لكل الناس عظمة هذا الدين ورسوخ جذوره في الأرض وشموخ أغصانه في عنان السماء، هذا الكتاب المعجز الذي لا يقتصر على مجرد كلمات في سطور بل هو كون مقروء ونور يخرج الناس من ظلمات الجهل والظلم إلى نور اللّه.
ومع ذلك إذا أردنا أن نعمل إحصائية بالمعجزات المادية لأنبياء اللّه عليهم السلام، فإن سيدنا محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم هو أكثر إخوانه من الأنبياء عليهم السلام تأييدا بالمعجزات المادية ولا يدانيه أي نبي من قبله في ذلك من حيث عدد المعجزات أو عظمتها فلا يكاد يمر يوم من حياته الشريفة وسيرته العطرة إلا كانت له معجزة أو أكثر، وإليك بعض القطرات من هذا المحيط:
* فهو الذي أشار بإصبعه الشريف فشق القمر إلى نصفين «1».
______________________________
(1) جاءت القصة بهذا الشكل على عدة روايات وجاءت بروايات أخرى أن القمر شق إلى نصفين في عهده صلّى اللّه عليه وسلّم.

الصفحة 39