كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 13)

ذلك بهذه السرعة الهائلة .. نلاحظ من أن عملية نقل مادة العرش من مأرب إلى القدس (ذهابا حوالي 2115 كم وإيابا بمثله أي 4230 كم) تمت بأجزاء من الثانية وهي أقل من الفترة الزمنية اللازمة لانطباق الأجفان على بعضها ثم إعادة فتحها ولمرة واحدة فقط.
معلوم فيزيائيا أن نقل مادة من مكان إلى آخر يتطلب إعدام المادة من مكانها الأول ثم نقلها إلى مكانها الثاني، وحيث أن الأمر يتطلب هذه السرعة الفائقة التي تتعدى كثيرا سرعة الصوت، وقد تتعدى حتى سرعة الضوء إذا ما أخذنا بالاعتبار تأثير كلمة (قبل) على الموضوع «1». وبالتالي شخص القرآن الكريم حالة السايكوكنيسز قبل تشخيصها علميا.
2 - التخاطر ونقل الأفكار: شخص القرآن الكريم هذه الحالة في مواضع عديدة:
ففي قصة سيدنا يوسف وسيدنا يعقوب عليهما السلام، يقول اللّه تعالى: يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وأَخِيهِ ولا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (87) (يوسف: 87). وهنا قد علم سيدنا يعقوب أن ولديه بخير، فأمر أولاده بالبحث عنهما.
ومنه قول اللّه تعالى لسيدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ ولَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ واللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (30) (محمد: 30).
ومن السنة المطهرة هناك حالات عديدة لعل أهمها قصة إسلام سيدنا سلمان الفارسي رضي اللّه عنه، إذ أنه كان في أهله على دين الزرادشتية ثم أصبح نصرانيا وتدرج في دراسة العلم النصراني فهاجر إلى الشام ليدرس على يد كبار البطارقة والقساوسة، وكان كلما يموت أحدهم يوصيه أن يذهب إلى آخر ممن عرف عنه غزارة العلم حتى إذا وصل إلى آخرهم وكان على فراش الموت سأله أن يدله على عالم أو راهب آخر يذهب إليه، فقال له هذا العالم: لا داعي لأن تذهب لأي عالم آخر فلقد آن أوان نبي آخر الزمان، فاذهب إليه فهو في أرض العرب، وأعطاه ثلاث علامات ليتعرف عليه وهي أنه لا يقبل
______________________________
(1) انظر كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم/ الباب الثالث/ فصل هندسة النقل والاتصالات في القرآن الكريم).

الصفحة 42