كتاب فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (اسم الجزء: 13)

وفي رواية فقال: أمروها كما جاءت بلا كيف. فقولهم رضي الله عنهم: أمروها كما جاءت. رد على المعطلة. وقولهم: بلا كيف. رد على الممثلة والزهري ومحكول هما أعلم التابعين في زمانهم. والأربعة الباقون أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين. ومن طبقتهم حماد بن زيد وحماد بن سلمة وأمثالهما.
وروى أبو القاسم الأزجي بإسناده عن مطرف بن عبد الله: قال: سمعت مالك بن أنس: إذا ذكر عنده من يدفع أحاديث الصفات يقول: قال عمر بن عبد العزيز: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمور بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد من خلق الله تعالى تغييرها ولا النظر في شيء خالفها، من اهتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً.
وروى أبو القاسم اللالكائي الحافظ الطبري صاحب أبي حامد الأصفرائيني في كتابه المشهور في أصول السنة بإسناده عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، قال: اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب عز وجل من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئاً منها فقد خرج مما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وفارق الجماعة، فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا، ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة، لأنه قد وصفه بصفة لا شيء. ومحمد بن الحسن أخذ عن أبي حنيفة ومالك وطبقتهما من العلماء، وقد حكى هذا الإجماع، وأخبر أن الجهمية تصفه بالأمور السلبية غالباً أو دائماً. قوله: من غير تفسير. أراد به تفسير الجهمية المعطلة الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة والتابعون من الإثبات.
وروى البيهقي وغيره بإسناد صحيح عن أبي عبيد القاسم بن سلام قال هذه الأحاديث التي يقول فيها "ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره من خلقه" وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك فيها قدمه، والكرسي موضع القدمين، وهذه الأحاديث في الرؤية هي عندنا حق حملها الثقات بعضهم عن بعض، غير أنا إذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسرها، وما أدركنا أحداً يفسرها.

الصفحة 137