كتاب فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (اسم الجزء: 13)

أضعف الإيمان". والمناصحة والتذكير من الأمور اللازمة التي لا تختص بأحد دون غيره، وإن كانت تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص؛ فيجب على ولاة الأمور وخواص المسلمين وطلبة العلم أكثر مما يجب على من دونهم.
ومما ينبغي التفطن له ما ابتلى به كثير من الناس من الإسراف في المباحات والانغماس في الترف وإعطاء النفس جميع ما تميل إليه من حظوظها وشهواتها وملاذها، وهذا وإن كان أصله من جنس المباحات فقد يحتف به من الأحوال ما يجعله من الممنوعات، وقد نعى الله على قوم مثل ذلك بقوله تعالى: {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها} . وعن فضالة بن عبيد قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينها نا عن كثير من الأرفاه ويأمرنا بالاحتفاء أحياناً" رواه أبو دود، وورد في الأثر: تمعددوا، واخشوشنوا، ومن ذلك ما ابتلي به بعض الناس من حلق لحاهم والقص منها، وهذا من تزيين الشيطان، ومن التشبه الممنوع، وفي الحديث: "اعفوا اللحى" وفي لفظ: "وفروا اللحى وحفوا الشوارب ولا تشبهوا بالمجوس". ومثله ما أغرى به بعض الشباب وغيرهم من حلق بعض الرأس أو قصه وترك باقيه، كالذي يسمونه (التواليت) وهذا مع ما فيه من التشبه المذموم فهو من القزع المنهي عنه؛ فقد روى أبو داود، عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع، وقال: احلقه كله أو دعه كله".
وكذلك الإسبال في الثياب، والتبختر في المشية، وفي المسند عن ابن عمر يرفعه: "من تعاظم في نفسه واختال في مشيته لقي الله وهو عليه غضبان" وفي حديث آخر: "لا ينظر الله إلى من جر إزاره خيلاء"، وورد أيضاً: "ما أسفل من الكعبين فهو في النار". ومن ذلك تبرج النساء وخروجهن بالزينة والحلي والطيب ونحو لك، وهذا من المنكرات الظاهرة التي لا يحل السكوت عليها قال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} . وفي الحديث: أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحتها فهي زانية".
ومن ذلك ما روجه دعاة الباطل من نشر هذه "المجلات" التي في التصاوير الخلاعية، والمقالات الردية، المخالفة لما عليه المسلمون، وهذا يفتح باب الشر على من أولع به من الشباب وغيرهم، فإذا انضم إلى ذلك انكبابهم على سماع الإذاعات الخليعة وآلات الملاهي فلا تسأل عن ما ينتجه من المفاسد

الصفحة 169