كتاب فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (اسم الجزء: 13)

(4537- نصيحة عامة)
من محمد بن إبراهيم إلى من يراه من المسلمين وفقني الله وإياكم لقبول النصائح وجنبنا جميعاً موجبات المخازي والفضائح آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإن الله تبارك وتعالى قد أوجب النصيحة والبيان، وحرم الغش والكتمان، قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة" إلى آخره. وقد أمر الله بالتذكير، وأخبر أن الذكرى تنقع المؤمنين، قال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ المُؤْمِنِينَ} . وقال تعالى: {وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ} . وهذا يشمل التذكير بالنصوص القرآنية، وصحاح الأحاديث النبوية، المشتملة على الأمر بطاعته سبحانه وتعالى، وطاعة رسله، والتحذير من معصيته ومعصية رسله، وبيان ما في امتثال أوامره وترك زواجره من حصول الخيرات، وحلول البركات، واندفاع النقمات، وما في معصيته تعالى ومخالفة أمره من محق البركات، في العلوم والأعمال والأعمار والمكاسب وجميع التصرفات، ويشمل أيضاً التذكير بأيام الله تعالى في خلقه وما أحل بمن عصوا رسله من المثلات، وسائر ألوان الأخذ والعقوبات، مما يكون من أعظم واعظ لمن في قلبه أدنى حياة، إذا عرف ذلك فإن المعاصي هي أسباب كل نقص وشر وفساد في الأديان والبلاد والعباد، كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} .
فما أهبط الأبوين من الجنة دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب إلا معصيتهما بأكلهما لقمة من الشجرة التي نهيا عن الأكل منها، وما أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه وجعلت صورته أقبح صورة وأشنعها وباطنه أقبح من صورته وأشنع غير معصيته بامتناعه من سجدة واحدة أمر أن يسجدها، وما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رءوس الجبال، وما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية، وما الذين رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم ثم قبلها عليهم واتبعوا بحجارة من سجيل، وما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل فلما صار

الصفحة 182