كتاب فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (اسم الجزء: 13)

ربي على ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير، وطفى طوفان المادة، وأخفى غبار الشبهات والشهوات وضوح الجادة، وفشا الجهل، وتكلم في الأمور الدينية من ليس لها بأهل، حتى صرح من صرح من جهلتهم فيما يكتبونه وينشرونه بمزيد الحث والتحريض على ما هو من أعظم ما يهدم الإسلام، وينسى أصوله العظام، وأصبحت القلوب إن لم تمت في غاية من أنواع الأمراض مرض الجهل ومرض الشهوة ومرض الشبهة، حتى استولت عليها القسوة والظلمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فيالها من أمراض ما أصعبها مع الإعراض عن الأدوية المحمدية، وما أسهلها وما أخفها وما أسرع برأها متى عولجت بالدواء الذي بعث به طبيب القلوب الأكبر صلى الله عليه وسلم، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الجهل مرضاً لما ينشأ عنه من عمى القلوب الذي هو المرض - أيّ مرض - وفيما بعث به صلى من الكتاب والسنة لهذه الأمراض أنجع دواء وأنفع شفاء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} . وقال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً} .
فهلم إخواني نداوي هذه الأمراض بأدوية كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بتدبر أوامرهما ونواهيهما ووعدهما ووعيدهما وزواجرهما، ومذاكرة بعضنا مع بعض، وقيامنا لله مثنى وفرادى لنتذكر ونتفكر ونتناصح ونتآمر بالمعروف ونتناهى عن المنكر، ونحب في الله ونبغض في الله، ونوالي في الله ونعادي في الله، ونتعاون على البر والتقوى، ونبحث في أدوية تلك الأمراض التي تحصيلها من أسهل شيء عندما تحصل القلوب على الصدق في طلب هذا الدواء، والإقبال على الله في التماس السلامة من تلك الأدواء، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لله مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} .
هلم إخواني نشخص سائر أمراض قلوبنا ونشخص أدويتها، ونجاهد نفوسنا على معالجتها من تلك الأمراض المهلكة، ويحض بعضنا بعضاً، ويحذر كل منا نفسه وأخاه من وبيل أخذ الله وشديد عقابه الدنيوي والأخروي، ومن الإقامة على أسباب تغيير ما منّ الله به من التوحيد، وتحكيم الوحي المحمدي والعز والتأييد، والأمن والصحة والهدوء، {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} .

الصفحة 186