كتاب فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (اسم الجزء: 13)

الدعوة إلى الإسلام، ثم العمل على إيجاد الحلول العلمية تجاه ذلك، والخروج بنتيجة تضمن إن شاء الله حصول المقصود من أداء فريضة الله علينا في تبليغ هذه الدعوة وشرح مبادئها، ودحض الشبهات عنها، ومجاهدة المؤامرات الخطيرة والمبادئ الهدامة التي يدبرها أعداء هذا الدين، بقصد فتنة المسلمين وصدهم عن دينهم، وتفريق صفوفهم، وتمزيق شملهم ووحدتهم وأخوتهم - لا بلغ الله هؤلاء الأعداء مرادهم، ولا ألحقهم مقصدهم ومرادهم - هذه المؤامرات وهذه المبادئ الهدامة وهذه الدسائس التي دسها أعداء الدين على الإسلام لقصد القضاء عليه هي أهم ما يجب أن نبحث في اجتماعاتنا هذه، وهي أهم ما يجب أن نصرف عنايتنا في محاربته ودحضه، ونتكاتف ونصير طائفة واحدة في نصرة الحق وإقامة العدل ومجاهدة الباطل والقضاء عليه، مستمدين ذلك من القرآن الكريم الذي: {لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} . ومن صحيح السنة النبوية التي هي شقيقة القرآن، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه".
ونعطيهما من واجب التدبر والتأمل والقيام لله شهداء بالقسط ما يتضح به الصراط المستقيم، ويستنير به الطريق، وينفلق به صبح الحق، وينهزم به ليل الباطل، حتى نقوم بحقيقة ما بعث الله به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، من الدين الذي أصله عبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة ما سواه، وهذا هو حقيقة كلمة الإخلاص التي هي أصل ملة الإسلام (لا إله إلا الله) ونثبت لله ما أثبته لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات إثباتاً بريئاً من التمثيل، وننزهه من جميع ما لا يليق بجلاله وعظمته تنزيهاً بريئاً من التعطيل، ونفرد رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالطاعة وتحكيم ما جاء به عند التنازع، عملاً بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} .
أيها الإخوان يجب أن تكون دعوتنا إلى الله على بصيرة حتى نطبق في ذلك طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وطريق أتباعه بقول الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ} . وأن نتآمر بالمعروف ونتناهى عن المنكر، وأن نقول الحق حينما كنا لا نخشى في الله لومة لائم.

الصفحة 193