كتاب فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (اسم الجزء: 13)
وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وَجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وَجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وَجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وَجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} .
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يرضى لكم ثلاثاً أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تُنَاصِحوا مَنْ وَلاّهُ الله أمْرَكُمْ". وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
(4546- كلمة سماحة رئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في حفل التعارف المقام لوفود حجاج بيت الله الحرام بمقر رابطة العالم الإسلامي في حج عام 1385هـ)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وبعد:
فإنني أصالة عن نفسي ونيابة عن إخواني أمين وأعضاء رابطة العالم الإسلامي أرحب بكم أجمل ترحيب، وأحييكم أحسن تحية.
إخواني تعلمون حقاً أن العالم بأسره علويه وسفليه وجماده وغيره جماده ناطقه وغير ناطقه في غاية جداً من الفقر إلى اله عز وجل من حيث الخلق والإيجاد، ومن حيث الكلاءة والحفظ، ومن حيث العلم والمعرفة، قال الله عز وجل: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} . وقال: {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ} . وقال تعالى: {وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ} . وقال تعالى: {وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} . فمن أهم الضروريات للعباد معرفتهم ربهم تبارك وتعالى بما تعرف به في كتابه وعلى لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من وحدانيته جل شأنه في ذاته وأسمائه وصفاته وإلاهيته، ومعاملتهم ربهم بمقتضى هذه الوحدانية بأن يثبتوا له ما أثبته لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من صفات الكمال، إثباتاً بريئاً من تمثيل الممثلين ومن تعطيل المعطلين، وأن يفردوه سبحانه وتعالى بالألوهية كما هو مدلول أساس الملة كلمة الإخلاص (لا إله إلا الله) مطابقة، فلا يدعون إلا الله وحده، ولا يلجئون إلى سواه في حال من الأحوال، وأن يقوموا بفرائض ذلك وحقوقه من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وغير ذلك من شعائر الدين.
ومن الضروري لحصول ذلك على الكمال تكاتف المسلمين وأخذ بعضهم بأيدي البعض في القيام بذلك علماً وعملاً واعتقاداً، والحفاظ عليه كل الحفاظ، والتآلف والتواد فيما بينهم، وصدق الإخاء الإسلامي، وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} . وقال تعالى:
الصفحة 202
238