كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 13)

نفسه طينا، ثم صارت إلى أذنيه، فسمع تسبيح الملائكة، وجعلت الروح تمّر فى رأسه والملائكة ينظرون إليه، ثم صارت إلى الخياشيم، فعطس، فانفتحت المجارى المسدودة؛ وصارت إلى اللّسان؛ فقال آدم: «الحمد لله الذى لم يزل ولا يزول» وهى أوّل كلمة قالها. فناداه الرب: «يرحمك ربّك يا آدم، لهذا خلقتك، وهذا لك ولذرّيتك» . وسارت الروح فى جسده حتى بلغت الساقين، فصار آدم لحما ودما وعظما وعروقا، غير أنّ رجليه من طين؛ فذهب ليقوم فلم يقدر وهو قوله تعالى: (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا) .
فلمّا صارت إلى الساقين والقدمين استوى قائما على قدميه يوم الجمعة.
فقيل: إنّ الروح استوت فى جسده فى خمسمائة عام عند نزول الشمس.
ذكر سجود الملائكة لآدم
قال: فلمّا استوى قائما أمر الله الملائكة بالسجود له؛ فسجدوا كلّهم إلّا إبليس، كما أخبر الله تعالى عنه؛ قال الله تعالى: (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)
الآيات.
قال: وكان السجود لآدم يوم الجمعة عند الزوال، فبقيت الملائكة فى سجودها إلى العصر.
قال وعلّم الله تعالى آدم الأسماء كلّها واللغات بأجمعها.
قال ابن عبّاس- رضى الله عنهما-: علّمه حتى لغة الحيتان والضفادع وجميع ما فى البرّ والبحر، ثم أمر الملائكة أن يحملوه على أكتافهم، ويطوفون به فى طرائق السموات؛ ففعلوا ذلك.

الصفحة 12