كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 13)

وقالت طائفة: عن عروة وعمرة جميعًا عن عائشة. وكذا رواه ابن وهب، عن مالك، وأكثر الرواة عن مالك، عن عروة، عن عمرة فخطئوه في ذكر عمرة (¬1).
قال ابن بطال: ولهذه العلة -والله أعلم- لم يدخل البخاري حديث مالك وإن كان فيه زيادة تفسير؛ (لكونه) (¬2) ترجم للحديث بتلك الزيادة إذ كان ذَلِكَ عنده معنى الحديث، ثم الحديث دال على أن المعتكف لا يشتغل بغير ملازمة المسجد للصلاة، والتلاوة، والذكر، ولا يخرج إلا لما إليه حاجة، وفي معنى الترجيل: كل ما فيه صلاح بدنه من الغذاء وغيره، ولا شك أن المعتكف ألزم نفسه المقام للطاعة
فلا يشتغل بما يلهي عنها، ولا يخرج إلا لضرورة كالمرض البين والحيض في النساء، وهو في معنى خروجه للحاجة.
واختلفوا في خروجه لما سوى ذَلِكَ، فروي عن النخعي، والحسن البصري، وابن جبير أن له أن يشهد الجمعة ويعود المرضى ويتبع الجنائز (¬3). وذكر ابن الجهم، عن مالك: يخرج للجمعة ويتم اعتكافه في الجامع. وقال عبد الملك: إن خرج إلى الجمعة فسد اعتكافه، ومنعت طائفة خروجه لعيادة المريض والجنائز، وهو قول عطاء وعروة والزهري (¬4) ومالك وأبي حنيفة، والشافعي وأبي ثور.
¬__________
(¬1) انظر في هذا الاختلاف والاضطراب: "التمهيد" 8/ 316 - 321، و"الفتح" 4/ 273، و"صحيح أبي داود" 7/ 230 - 233.
(¬2) في (م): (لأنه).
(¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 335 (9632، 9634، 9635، 9637، 9640).
(¬4) رواه عبد الرزاق 4/ 357 (8051 - 8054)، وابن أبي شيبة (9643 - 9644، 9646).

الصفحة 625