كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 13)

وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يخرج المعتكف إلا إلى الجمعة والبول والغائط خاصة. وقال مالك: إن خرج المعتكف لعذر ضرورة مثل موت أبويه وابنه ولا يكون له من يقوم به فإنه يبتدئ اعتكافه، والذين منعوا خروجه لغير الحاجة أسعد باتباع الحديث (¬1).
وفيه كما قال ابن المنذر: دلالة على امتناع العشاء في بيته والخروج من موضعه إلا للحاجة. قال: واختلفوا في ذَلِكَ، فكان الحسن وقتادة يقولان: له أن يشرط العشاء في منزله. وبه قال أحمد، وقال أحمد: إن كان المعتكف في بيته فلا شيء عليه (¬2). وقال أبو مجلز: ليس له ذَلِكَ (¬3). وهو يشبه مذاهب المدنيين وبه نقول؛ لأنه موافق للسنة، وعن مالك في الرجل يأتيه الطعام من منزله ليأكله في المسجد فقال: أرجو أن يكون خفيفًا (¬4).
وفيه: دلالة غير ما سلف على إباحة غسل المعتكف رأسه: لأنه في معنى الترجيل (¬5).
¬__________
(¬1) انظر هذِه المسألة في "المبسوط" 1/ 117، "المنتقى" 2/ 77، 79، "النوادر والزيادات" 2/ 91، "الأم" 2/ 90.
(¬2) في "شرح ابن بطال" 4/ 166 - وهو المصدر المنقول منه ها هنا- أن هذا قول الشافعي، وهو نص قوله في "الأم" 2/ 91.
(¬3) ذكر قول أبي مجلز صاحب "المغني" 4/ 471.
(¬4) "النوادر والزيادات" 2/ 94.
(¬5) من قول المصنف -رحمه الله- آنفًا: قال ابن بطال إلى هذا الموضع، نقله من "شرح ابن بطال" 4/ 165 - 166.

الصفحة 626