كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 13)

وقال القاضي عياض: لم يأت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اعتكف بغير صوم، ولو كان جائزًا لفعله تعليمًا للجواز، وهو عمل أهل المدينة (¬1).
قالوا: ويجاب عن حديث ابن عباس بأمور: منها: أن السوسي تفرد به (¬2)، ولم يحتج به أهل الصحيح، فلا يعارض حديث عبد الرحمن بن إسحاق (¬3) المحتج به في الصحيح (¬4).
ثانيها: أسلفنا عن ابن عباس اشتراط الصوم (¬5)، والراوي إذا عمل بخلاف ما روى قدح ذَلِكَ في روايته عند الحنفية (¬6).
ثالثها: القول بموجب الحديث، وهو أن الهاء عائدة على الاعتكاف دون الصوم؛ لأنه أكثر فائدة: ولأن وجوب المنذور بالنذر معلوم والخفاء في وجوب غير المنذور بالنذر، فكان حمله على الأكثر فائدة أو يحتمل فيحمل عليه توفيقًا بين الحديثين.
رابعها: نقول إنه محمول على الحض والندب، وحديث عمر محمول على أنه كان نذر يومًا وليلة، وهو في مسلم: أعني يومًا (¬7).
¬__________
(¬1) "إكمال المعلم" 4/ 150. بتصرف.
(¬2) قلت: لم يتفرد به، بل تابعه أحمد بن محبوب الرملي، عند الحاكم 1/ 439. والبيهقي 4/ 318 - 319، وإنما المنفرد به هو شيخهما عبد الله بن محمد الرملي، وتقدم قريبًا الكلام عن هذا الحديث فليراجع.
(¬3) هو حديث أبي داود (2473) المتقدم تخريجه قريبًا.
(¬4) قلت: استشهد به البخاري في ثلاثة مواضع من "صحيحه" فيما سيأتي (2214، 3356، 4891) وروى له مسلم حديثًا واحدًا (2225). وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 16/ 519 (3755).
(¬5) تقدم تخريجه.
(¬6) انظر: "المبسوط" 3/ 115 - 166.
(¬7) مسلم (1656/ 28).

الصفحة 638