وأخرجه عن معناه وهو تكلما بغير دليل واضح، وقد قال ابن قتيبة: تعال تفاعل من علوت (¬1).
قال الفراء: أصلها عال إلينا وهو من العلو، ثم إن العرب لكثرة استعمالهم إياها صارت عندهم بمنزلة هلم، حَتَّى استجازوا أن يقولوا لرجلٍ وهو فوق (شرف) (¬2): تعالى -أي: اهبط- وإنما أصله الصعود.
وقوله: "إنما هي صفية بنت حيي" فيه: النسبة إلى الأب الكافر.
وقوله: "إني خشيت أن يقذف في قلؤبكما شيئًا" وفي رواية: "شرًّا" (¬3)، يريد بذلك شفقته على أمته وصيانة قلوبهم، فإن ظن السوء بالأنبياء عليهم السلام كفر بالإجماع.
قال الخطابي: وبلغني عن الشافعي أنه قال في معنى هذا الحديث: خاف عليهما الكفر لو ظنا به ظن التهمة، فبادر إلى إعلامهما نصيحة لهما في حق الدين (¬4).
وقيل: فعله تعليمًا لنا لرفع الظنون، وقد يكون الأنصاريان في أول الإسلام، ولم يكن عندهما من اليقين ما يدفع به كيد الشيطان، لكن رأيت من قال: قيل: إنهما أسيد بن حضير وعباد بن بشر (¬5) صاحبا
¬__________
(¬1) "غريب الحديث" 3/ 743.
(¬2) بهامشها: لعله (مشربة).
(¬3) رواه مسلم (2175/ 24).
(¬4) "أعلام الحديث" 2/ 989.
وينظر "مناقب الشافعي" 1/ 309 - 310 و 2/ 241.
(¬5) كذا نقله العيني في "العمدة" 9/ 228، وجزم به زكريا الأنصاري في "المنحة" 4/ 465، وعزاه الحافظ في "هدي الساري" ص 278 لابن العطار في "شرح العمدة"، وكذا في "الفتح" 4/ 279 فقال: إلا أن ابن العطار في "شرح العمدة" زعم أنهما أسيد بن حضير، وعباد بن بشر، ولم يذكر لذلك مستندًا. =