وحديث عمران بن حصين الثابت في "الصحيح": "أصمت من سرر شعبان شيئا؟ " قَالَ: لا. قَالَ: "فإذا أفطرتَ فصم يومين معًا" (¬1).
إذا قلنا: إن سرر الشهر آخره، سمي بذلك لاستسرار القمر فيها
¬__________
= عن الصوم حتى يكون رمضان" وهذا لفظ أحمد.
والحديث ضعفه أحمد كما ذكر المصنف، ففي "علل أحمد بن حنبل" ص: 117 - 118 (273) ذكرت له حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: إذا كان نصف شعبان .. الحديث. فأنكره، وقال: سألت ابن مهدي عنه، فلم يحدثني به، وكان يتوقاه، وهذا خلاف الأحاديث التي رويت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال أبو داود: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث به، قلت لأحمد: لم قال لأنه كان عنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصل شعبان برمضان، وقال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه، وقال: وليس هذا عندي خلافه، ولم يجيء به غير العلاء عن أبيه. اهـ.
وضعفه النسائي كذلك -كما ذكر المصنف- قال النسائي: لا نعلم أحدًا روى هذا الحديث غير العلاء بن عبد الرحمن اهـ.، قال الترمذي: حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وقال المنذري: يحتمل أن يكون الإمام أحمد قد أنكره من جهة العلاء بن عبد الرحمن، فإن فيه مقالا لأئمة هذا الشأن، وإن كان فيه مقال، فقد حدث عنه الإمام مالك مع شدة انتقاده للرجال وتحريه في ذلك، وقد احتج به مسلم في "صحيحه"، وذكر له أحاديث كثيرة، فهو على شرطه، ويجوز أن يكون تركه لأجل تفرده به، وإن كان قد خرج في الصحيح أحاديث انفرد بها رواتها، وكذلك فعل البخاري أيضًا اهـ. "مختصر سنن أبي داود" 3/ 224 - 225 بتصرف.
قلت: يفهم من كلام المنذري تصحيح الحديث. والله أعلم.
وكذا صححه ابن القيم في "مختصر سنن أبي داود" 3/ 223 - 224 وله فيه بحث جيد شفى فيه وكفي فراجعه، وللشيخ أحمد شاكر تعقيب على كلام المنذري في هامش "مختصر سنن أبي داود" 3/ 225 فسارع إليه ترشد.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (2025) وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الترمذي وابن حبان واحتج به ابن حزم، وقواه ابن القيم اهـ.
(¬1) سيأتي برقم (1983) باب: الصوم آخر الشهر، ورواه مسلم (1161) كتاب: الصوم، باب: صوم سرر شعبان.