كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 13)

بِنْتِ الْحَارِثِ؛ أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا، يَوْمَ عَرَفَةَ، فِي صِيَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَقَال بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ. وَقَال بَعْضهُمْ: لَيسَ بِصَائِمٍ. فَأَرْسَلْت إِلَيهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ، فَشَرِبَهُ
ــ
بضم اللام وتخفيف الموحدتين (بنت الحارث) بن حزن بوزن سهل الهلالية المدنية، زوجة العباس بن عبد المطلب الصحابية المشهورة رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلَّا يحيى بن يحيى (أن ناسًا) لم أر من ذكر أسماءهم أي أن ناسًا من الصحابة (تماروا) أي تنازعوا على سبيل الشك وتباحثوا لأن التماري هو الجدال على سبيل الشك أي شكوا واختلفوا بعضهم قال: هو صائم، وقال بعضهم: غير صائم؛ أي اختلفوا (عندها يوم) الوقوف في (عرفة في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم) قال الحافظ رحمه الله تعالى: هذا يشعر بأن صوم يوم عرفة كان معروفًا معتادًا لهم في الحضر وكان من جزم بأنه صائم استند إلى ما ألفه من العبادة ومن جزم بأنه غير صائم قامت عنده قرينة كونه مسافرًا، وقد عرف نهيه عن صوم الفرض في السفر فضلًا عن النفل، قالت أم الفضل (فأرسلت إليه) صلى الله عليه وسلم (بقدح لبن) أي بكأس لبن (وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه) قال القرطبي (قوله أن ناسًا تماروا عندها) أي اختلفوا في صيامه صلى الله عليه وسلم سبب هذا الاختلاف أنه تعارض عندهم ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عرفة وسبب الاشتغال بعبادة الحج فشكوا في حاله فارتفع الشك لما شرب، وفهم منه أن صوم عرفة إنما يكون فيه ذلك الفضل بغير عرفة وأن الأولى ترك صومه بعرفة لمشقة عبادة الحج، وقد روى النسائي في الكبرى (٢٨٣٠) عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة بعرفة. وهذا لما قلناه والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.
(قوله فأرسلت إليه) سيأتي في الحديث الذي يليه أعني حديث ميمونة أن ميمونة بنت الحارث هي التي أرسلت فيحتمل التعدد، ويحتمل أنهما معًا أرسلتا فنُسب ذلك إلى كل منهما لأنهما كانتا أختين فتكون ميمونة أرسلت بسؤال أم الفضل لها في ذلك لكشف الحال في ذلك، ويحتمل العكلس، وستأتي الإشارة إلى تعيين كون ميمونة هي التي باشرت الإرسال ولم يسم الرسول في طرق حديث أم الفضل، لكن روى النسائي من

الصفحة 37