كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 13)

فَاعْتَمَرْتُ. فَقَال: "هذِهِ مَكانُ عُمْرَتِكِ" فَطَافَ، الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ، بِالْبَيتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. ثُمَّ حَلُّوا. ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ، بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ. وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا
ــ
رواية الأسود عن عائشة: "فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم" وفي رواية: "اخرجي إلى التنعيم" وهو صريح بأن ذلك كان عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم وكل ذلك يفسر قولي في رواية القاسم عنها بلفظ: "اخرج بأختك من الحرم" اهـ فتح الملهم.
وقال ملا علي: التنعيم هو موضع قريب من مكة بينه وبينها فرسخ نقله عن ابن الملك (فاعتمرت) من التنعيم (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذه) العمرة مبتدأ خبره (مكان عمرتك) بالرفع على الخبرية أي هذه بدل عمرتك أو بالنصب على كونه ظرفًا متعلقًا بالخبر المحذوف أي هذه العمرة كائنة مكان عمرتك الأولى أي التي أردت أن تأتي بها مفردة، وهذا صريح في كونها قضاء لعمرتها التي كانت أحرمت بها ثم رفضتها لأجل حيضها إنما قال ذلك تطييبًا لقلبها كذا في العيني على البخاري، وقال القسطلاني: برفع مكان خبرًا لقوله هذه أو بالنصب وهو الذي في اليونينية لا غير على الظرفية وعامله المحذوف هو الخبر أي كائنة أو مجعولة مكان عمرتك اهـ (فطاف الذين أهلوا بالعمرة) أي أحرموا بها ولم يسوقوا الهدي (بالبيت) طواف العمرة (و) سعوا (بالصفا) أي بين الصفا (والمروة) سعي العمرة (ثم حلوا) أي فكوا إحرامهم بالحلق أو التقصير (ثم) أهلوا بالحج و (طافوا طوافًا آخر) غير طواف العمرة (بعد أن رجعوا من منى) إلى مكة (لحجهم) يعني طواف الإفاضة وسعوا سعي الحج (وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة) أي قارنوهما لسوقهم الهدي (فإنما طافوا طوافًا واحدًا) للحج والعمرة وسعوا سعيًا واحدًا للحج والعمرة لاندراج عمل العمرة في الحج، قال النواوي: هذا دليل على أن القارن يكفيه طواف واحد من طواف الركن وأنه يقتصر على أفعال الحج وتندرج أفعال العمرة كلها في أفعال الحج وبهذا قال الشافعي وهو محكي عن ابن عمر وجابر وعائشة ومالك وأحمد وإسحاق وداود، قال أبو حنيفة: يلزمه طوافان وسعيان وهو محكي عن علي بن أبي طالب وابن مسعود والشعبي والنخعي والله أعلم، ويذكر قول في مذهب أحمد كمذهب أبي حنيفة في تعدد السعي للقارن والمتمتع. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري

الصفحة 404