كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 13)

فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ وَأَنَا أَبْكِي. فَقَال: "مَا يُبْكِيكِ؟ " فَقُلْتُ: وَاللهِ! لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ خَرَجْتُ الْعَامَ. قَال: "مَا لكِ؟ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ. قَال: "هذَا شَيءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ. افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيتِ حَتَّى تَطْهُرِي" قَالتْ: فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ: "اجْعَلُوهَا عُمْرَةً" فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ. قَالتْ: فَكَانَ الْهَدْيُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَذَوي الْيَسَارَةِ
ــ
أصحابنا: ويستحب له أن يحج بزوجته للأحاديث الصحيحة فيه (فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال) لي (ما يبكبك؟ فقلت: والله لوددت) أي لأحببت (أني لم أكن خرجت) هذا (العام) للحج ظنًّا منها أن الحيض يمنعها من الحج (قال) لها النبي صلى الله عليه وسلم (مالك) أي أي شيء ثبت لك في بكائك (لعلك نفست) أي حضت، قالت عائشة (قلت) له (نعم) حضت (قال هذا) الدم (شيء كتبه الله) تعالى وقدره (علي بنات آدم) أي على إناث بني آدم فاصبري لأن البلية إذا عمت هانت و (افعلي ما يفعلـ) ـه (الحاج) من المناسك كالوقوف (غير أن لا تطوفي) أي لكن أنه لا تطوفي (بالبيت) لعارض الحيض (حتى تطهري) من حيضك، فأن مخففة من الثقيلة، ويحتمل كون لا زائدة، وأن مصدرية أي افعلي ما يفعله إلا الطواف بالبيت وهذا أوضح وأولى (قالت) عائشة (فلما قدمت مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه اجعلوها) أي اجعلوا حجتكم المعهودة عندكم المنوية لديكم (عمرة) أي اقلبوها عمرة أمرهم أن يصرفوا إحرامهم بنية الحج إلى العمرة بأن يكتفوا بأفعالها فيكون فسخ الحج إلى العمرة، وقد روى هذا المعنى كثيرون من الصحابة غير عائشة منهم عبد الله بن عباس وابن عمر وأسماء وحفصة وعمران وأبو موسى، وكل هؤلاء عند البخاري، والبراء عند أبي يعلى بإسناد رجاله رجال الصحيح، وسهل بن حنيف عند الطبراني في الكبير بإسناد رجاله موثقون، وسبرة بن معبد الجهني عند أبي داود، وأنس عند البزار بإسناد صحيح، ومذهب أبي حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي من الأئمة الأربعة عدم استمرار جواز الفسخ فلو أحرم بالحج لم يجز عندهم فسخه إلى العمرة وكذا العكس خلافًا للحنابلة والظاهرية وعامة أهل الحديث في قولهم إنه يفسخ الحج إذا طاف للقدوم إلى عمرة اهـ فتح الملهم (فأحل الناس) من إحرام الحج بعمل العمرة (إلا من كان معه الهدي، قالت) عائشة (فكان الهدي مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة) أي

الصفحة 419