كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 13)

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، إِذَا طَافَ بِالْبَيتِ وَبَينَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَنْ يَحِلَّ. قَالتْ عَائِشَةُ رضي الله تعالى عنها: فَدُخِلَ عَلَينَا
ــ
عبد الرحمن للقاسم بن محمد (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة) فيه استعمال الفصيح في التاريخ وهو ما دام في النصف الأول يؤرخ بما خلا فإذا دخل النصف الثاني يؤرخ بما بقي، قال الحافظ: وجزم ابن حزم بان خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة كان يوم الخميس، وفيه نظر لأن أول ذي الحجة كان يوم الخميس قطعًا لما ثبت وتواتر أن وقوفه بعرفة كان يوم الجمعة فتعين أن أول الشهر يوم الخميس فلا يصح أن يكون خروجه يوم الخميس بل ظاهر الخبر أن يكون يوم الجمعة، لكن ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه صلينا الظهر مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين فدل على أن خروجهم لم يكن يوم الجمعة فما بقي إلا أن يكون خروجهم يوم السبت، ويُحمل قول من قال لخمس بقين أي إن كان الشهر ثلاثين فاتفق أن جاء تسعًا وعشرين فيكون يوم الخميس أول ذي الحجة بعد مضي أربع ليال لا خمس، وبهذا تتفق الأخبار هكذا جمع الحافظ عماد الدين بن كثير بين الروايات وقوى هذا الجمع بقول جابر أنه خرج لخمس بقين من ذي القعدة أو أربع، وكان دخوله صلى الله عليه وسلم مكة صبح رابعة كما ثبت في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وذلك يوم الأحد وهذا يؤيد أن خروجه من المدينة كان يوم السبت كما تقدم فيكون مكثه في الطريق ثمان ليال وهي المسافة الوسطى اهـ من فتح الملهم.
(ولا نرى) بفتح النون أي لا نعتقد (إلا أنه) أي إلا أن المقصود الذي خرجنا لأجله هو (الحج) قال الزركشي: كان ذلك اعتقادها من قبل أن تهل ثم أهلت بعمرة، ويحتمل أن تريد حكاية فعل غيرها من الصحابة فإنهم لا يعرفون إلا الحج ولم يكونوا يعرفون العمرة في أشهر الحج اهـ قسطلاني (حتى إذا دنونا) وقربنا (من مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت و) سعى (بين الصفا والمروة أن يحل) من إحرامه بالحلق والتقصير وسبق أنه أمرهم به بسرف، فالثاني تكرار للأول وتأكيد له فلا منافاة بينهما اهـ قسط (قالت عائشة رضي الله تعالى عنها فدُخِل علينا) بضم الدال

الصفحة 430