كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 13)

حَلْقَى. أَوَ مَا كُنْتِ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قَالتْ: بَلَى. قَال: "لَا بَأْسَ. انْفِرِي". قَالتْ عَائِشَةُ: فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ وَهُوَ مُصْعِدٌ مِنْ مَكَّةَ وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيهَا. أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهُوَ مُنْهَبِطٌ مِنْهَا
ــ
(حلقى) لها بفتح أولهما وسكون ثانيهما وبالقصر فيهما بغير تنوين لألف التأنيث المقصورة في الرواية ويجوز في اللغة وصوبه أبو عبيد لأن معناهما الدعاء بالعقر والحلق كما يقال سقيا ورعيا ونحو ذلك من المصادر التي يدعى بها، وعلى الأول هو نعت لا دعاء ثم معنى عقرى عقرها الله تعالى أي جرحها وطعنها، وقيل جعلها عاقرًا لا تلد، وقيل عقر قومها، ومعنى حلقى حلق الله شعرها وهو زينة المرأة أو أصابها وجع في حلقها أو حلق قومها بشؤمها أي أهلكهم، قال القرطبي: وهي كلمة تقولها اليهود للحائض فهذا أصل هاتين الكلمتين ثم اتسع العرب في قولها بغير إرادة حقيقتها ومعناها كما قالوا: قاتلك الله، وتربت يداك ونحو ذلك مما ظاهره الدعاء بالمكروه ولا يقصدونه على ما تقدم في الطهارة، قال القرطبي وغيره: اختلف كلامه صلى الله عليه وسلم في عائشة وصفية باختلاف المقام فعائشة دخل عليها وهي تبكي أسفًا على ما فاتها من النسك فسلّاها بقوله: "هذا شيء كتبه الله علي بنات آدم" وصفية أراد منها ما يريد الرجل من أهله كما ورد في رواية فابدت المانع فناسب كلًّا منهما ما خاطبها به في تلك الحالة كذا في فتح الباري (أ) تقولين ذلك (وما كنت طفت يوم النحر) طواف الإفاضة الذي هو أحد أركان الحج (قالت) صفية (بلى) طفت يوم النحر (قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا بأس) أي لا حرج ولا ضرر عليك في ترك طواف الوداع بسبب الحيض (انفري) بكسر الفاء، وفي رواية اخرجي، وفي رواية فلتنفر، وفي رواية قال اخرجوا، ومعانيها متقاربة، والمراد بها كلها الرحيل من منى إلى جهة المدينة أي اخرجي من منى راجعة إلى المدينة فإن طواف الوداع ساقط عن الحائض لعذر الحيض والله أعلم.
(قالت عائشة فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو) أي والحال أنه صلى الله عليه وسلم (مصعد) أي مبتدئ السير والذهاب (من مكة) بعد طوافه للوداع (وأنا منهبطة عليها) أي هابطة على مكة داخلة فيها لطواف العمرة (أو) قالت عائشة فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم و (أنا) أي والحال أني (مصعدة) على مكة أي داخلة فيها لطواف العمرة (وهو) صلى الله عليه وسلم (منهبط منها) أي خارج منها بعد طواف الوداع، والشك من الراوي عنها، قال في مجمع البحار: قوله (وهو مصعد من مكة) الخ وهو

الصفحة 436