كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 13)

فَقَال لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ: "مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ" قَال: قُلْنَا: أَيُّ الْحِلِّ؟ قَال: "الْحِلُّ كُلُّهُ" قَال: فَأَتَينَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَمَسْنَا الطِّيبَ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْويةِ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ. وَكَفَانَا الطَّوَافُ الأوَّلُ بَينَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الإِبِلِ وَالْبَقَرِ. كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ
ــ
علفتها تبنًا وماءًا باردا
(فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يكن معه هدي فليحلل، قال) جابر (قلنا) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (أي الحل) هذا الحل أي هل هو الحل العام لكل ما حرم بالإحرام حتى الجماع أو حل خاص؟ (قال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو (الحل كله) حتى الجماع (قال) جابر (فأتينا النساء) أي جامعناها (ولبسنا الثياب) المحيطة (ومسسنا الطيب) أي تطيبنا به هو بكسر السين الأولى هذه هي اللغة المشهورة، وفي لغة قليلة بفتحها حكاها أبو عبيد والجوهري، قال الجوهري: يقال مسست الشيء بكسر السين أمسه بفتح الميم مسًّا فهذه اللغة الفصيحة، قال: وحكى أبو عبيدة مسست الشيء بالفتح أمسه بضم الميم، وقال: وربما قالوا مِسْت الشيء يحذفون منه السين الأولى وينقلون كسرتها إلى الميم، قال: ومنهم من لا ينقل ويترك الميم على حالها مفتوحة كذا في الشرح (فلما كان يوم التروية) وجاء وهو اليوم الثامن (أهللنا) أي أحرمنا (بالحج وكفانا الطواف الأول) أي السعي الأول (بين الصفا والمروة) يعني القارن منها وهم الذين ساقوا الهدي، وأما المتمتع الذي أحل بعمل عمرة وهم الذين لم يسوقوا الهدي فلا بد له من السعي بين الصفا والمروة للحج بعد طواف الإفاضة والرجوع من عرفات لأن السعي الأول للعمرة والله أعلم، وقد تقدم الكلام عليه مبسوطًا في شرح حديث عائشة أول الباب (فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) في دم القران (أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا) مبتدأ خبره محذوف تقديره يشترك (في بدنة) واحدة أو في بقرة، وجملة الابتداء مفسرة لجملة الفعل، قال في المصباح: والبدنة هي ناقة أو بقرة، وزاد الأزهري أو بعير ذكر، وقال بعض الأئمة: البدنة هي الإبل خاصة، ويدل عليه قوله تعالى فإذا وجبت جنوبها سميت بذلك لعظم بدنها، وإنما ألحقت البقرة بالإبل بالسنة وهي قوله صلى الله عليه وسلم: "تجزئ البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة" ففرق الحديث بينهما بالعطف، إذ لو كانت البدنة في الوضع تطلق على البقرة لما ساغ عطفها

الصفحة 452