كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 14)

ويفهمُ من كلامِ هذين الإمامين أن حديثَ المُسْتَوْرِدِ هذا قد تفرَّدَ به ابنُ لَهِيعةَ.
وقد وَرَدَ ما يعارِضُ هذا في الظاهرِ:
فقد روى ابنُ أبي حاتمٍ في (الجرح والتعديل ١/ ٣١) -ومن طريقِه البَيْهَقيُّ (٣٦٢) - عن أحمدَ بنِ عبدِ الرحمنِ ابنِ أخي ابنِ وَهْبٍ قال: ((سمِعتُ عمِّي يقولُ: سمِعتُ مالِكًا سُئِلَ عن تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فِي الوُضُوءِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ. قَالَ: فَتَرَكْتُهُ حَتَّى خَفَّ النَّاسُ، فَقُلْتُ لَهُ: عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ سُنَّةٌ، فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: حَدَّثنا اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ، عَن يَزِيدَ بنِ عَمْرٍو المَعَافِرِيِّ، عَن أَبِي عَبدِ الرَّحمَنِ الحُبُلِيِّ، عَن المُسْتَوْرِدِ بنِ شَدَّادٍ القُرَشِيِّ، قَالَ: ((رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُدَلِّكُ بِخِنْصَرِهِ مَا بَيْنَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ)).
فَقَالَ: إِنَّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَمَا سَمِعْتُ بِهِ قَطُّ إِلَّا السَّاعَةَ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يُسْأَلُ، فيَأمُرُ بِتَخْلِيلِ الأَصَابِعِ.
ففي هذا الطريقِ أن اللَّيْثَ بنَ سعدٍ، وعَمرَو بنَ الحارثِ قد تابَعَا ابنَ لَهِيعةَ.
وبهذه المتابعةِ تَعَقَّبَ غيرُ وَاحدٍ على التِّرْمِذيِّ ومَن تَبِعَه في إعلالِهِ بابنِ لَهِيعةَ.
فذَكَرَ ابنُ القَطَّانِ قولَ عَبدِ الحَقِّ: "في إسنادِهِ عبدُ اللهِ بنُ لَهِيعةَ"، ثُمَّ قال: "وهو كما قال، من روايةِ ابنِ لَهِيعةَ، وهو ضعيفٌ، ولكنه قد رواه غيرُهُ؛ فصَحَّ" (بيان الوهم والإيهام ٥/ ٢٦٤).
وقال ابنُ سيِّدِ الناسِ -معلِّقًا على كلامِ التِّرْمِذيِّ-: "يشيرُ بالغرابةِ إلى

الصفحة 14