كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 127 """"""
ثم عاد إلى السلطان إلى الديار المصرية فدخل قلعته في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعين وستمائة .
وفي السابع والعشرين من الشهر : أفرج عن الأمير عز الدين الدمياطي وأنزله بدار الوزارة ورتب له الرواتب ، وكان في الاعتقال من سنة رجب سنة إحدى وستين وستمائة .
وفي شهر رجب : خلع السلطان على الأمراء والقضاة والوزراء والمقدمين ، وعم بذلك المسافرين والمقيمين .
وقي هذه السنة : نجزت عمارة قبة الصخرة الشريفة ، وذلك في يوم عرفة ، وكان السلطان قد توجه إليها وجميع الصناع لعمارتها كما قدمناه .
ذكر اعتقال الشيخ خضر والأسباب التي أوجبت ذلك
وفي يوم الاثنين ثاني عشر شوال سنة إحدى وسبعين : أحضر الشيخ خضر ابن أبي بكر بن موسى العدوي المهراني شيخ السلطان إلى قلعة الجبل ، وأحضر جماعة خانقوه على أشياء كثيرة منها اللواط والزنا وغيره ، فتقدم أمر السلطان باعتقاله . وكان سبب ذلك أنه تعاطى أمورا منكرة وأفحش ، ثم شرع يغض من الأمير بدر الدين بيليك الخزندار نائب السلطنة ، والصاحب بهاء الدين ، وانتقل إلى حد المهاجرة لهما بالقول بحضرة السلطان ، وهو أن السلطان أطلق له شيئا فتوقف الأمير بدر الدين في إمضائه ، فقال له بين يدي السلطان : " كأنك تشفق على السلطان وعلى أولاده ، كما فعل قطز بأولاد الملك المعز " . فخشي عاقبة ذلك فانفق هو والصاحب بهاء الدين على التدبير عليه وإطلاع السلطان على ما خفي عنه من حقيقته حاله ، ووافقهما على ذلك الأمير عز الدين أيدمر نائب السلطنة وبالشام ، ورتبه ، وذلك أنه طلب إسماعيل ومظفر نائبه بدمشق وآخر من أتباعه اسمه محمد بن بطيخ وتهددهم أولا ، ثم وعدهم أنهم متى اعترفوا على شيخهم بما يعتمده أحسن إليهم وجعل لهم الرواتب . فذكروا عنه أشياء كثيرة وأشهدوا على أنفسهم بذلك . فكاتب السلطان في أمره ، فأمر بإرسالهم على خيل البريد فأرسلوا . ولما حضروا بين يدي السلطان سمع كلامهم . ثم أحضره وقال له : " هؤلاء نوابك بالشام ما تقول فيهم ؟ " فذكر من خبرهم وصدقهم وأنه رضي بما يقولونه فيه .

الصفحة 127