كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 15 """"""
وسهمان كبيران ، وترس ، وغير ذلك مما جرت العادة به . وقدم له فرس أشهب في رقبته مشدة سوداء ، وعليه كنبوش أسود . وطلب الأمراء وخلع عليهم ، وعلى الصاحب بهاء الدين ، وقاضي القضاة ، وصاحب ديوان الإنشاء الشريف : وهو القاضي فخر الدين بن لقمان ، وطلع ابن لقمان على منبر قد جلل بالأطلس الأصفر ، وقرئ التقليد على كافة الناس وهو : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أضفى على الإسلام ملابس الشرف وأظهر بهجة درره وكانت خافية بما استحكم عليها من الصدف . وشيد ما وهى من علاثه حتى أنسى ذكر ما سلف . وقيض لنصره ملوكا اتفق عليهم من اختلف . أحمده على نعمه التي تسرح الأعين منها في الروض الأنف ، وألطافه التي وقف الشكر عليها فليس عليها منصرف .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة توجب من المخاوف أمنه وتسهل من الأمور ما كان حزنا ، واشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي جبر من الدين وهنا ، وأظهر من المكارم فنونا لافتا ، صلى الله عليه وعلى آله الذين أضحت مناقبهم باقية لا تفنى ، وأصحابه الذين صحبوه في الدنيا فاستحقوا الزيادة من الحسنى ، وسلم تسليما " .
" وبعد : فإن أولى الأولياء بتقديم ذكره ، وأحقهم أن يصبح القلم راكعا وساجدا في تسطير مناقبه وبره ، من سعى فأضحى سعيه الحميد متقدما ، ودعا إلى طاعته فأجابه من كان منجدا ومتهما ، وما بدت يد من المكرمات إلا كان لها زندا ومعصما ، ولا استباح بسيفه حمى وغى إلى أضرمه نارا وأجراه دما .
ولما كانت هذه المناقب الشريفة مختصة بالمقام العالي المولوي السلطاني الملكي الظاهري الركني - شرفه الله وأعلاه - ذكرها الديوان العزيز النبوي تنويها الشريف قدره ، واعترافا بصنعه الذي تنفد العباره ولا تقوم بشكره ، وكيف لا وقد أقام الدولة العباسية بعد أن أفعدتها زماتة الزمان ، وأذهبت ما كان لها من محاسن وإحسان ، وعتب دهرها المسئ فأعتب ، وأرضى عنها زمنها وقد كان صال عليها

الصفحة 15