كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 150 """"""
أيضا ، وبقي بينه وبين العدو النهر ، وجالوا بين العسكر وبين قلعة نكيدة ، فرجع العسكر إلى عين تاب ، وهرب شرف الدين بن الخطير إلى بعض القلاعه فتقرب إلى العدو بتسليمه " السلطان " إليهم . وبقي أخوه ضياء الدين في خدمة السلطان " الظاهر بيبرس " لأنه كان حضر إليه مستنجدا وسير هذا العسكر بسبب حضوره . واما السلطان غياث الدين فعلم التتار أنه محكوم عليه فعفوا عنه ، وسلموه إلى الصاحب والبرواناه .
وعاد السلطان إلى دمشق ومنها إلى الديار المصرية ، فدخل الجبل في رابع عشر شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وستمائة ، فأقام إلى شهر رمضان من السنة وتوجه إلى الشام في العشرين من الشهر ، فكانت غزوة الروم على ما نذكر ذلك إن شاء الله تعالى ، في الغزوات .
ذكر ظهور المسجد بجوار دير البغل وإقامة شعائر الإسلام به
وفي التاسع عشر من شوال من هذه السنة : خرج جماعة إلى دير القصير ، المعروف بدير البغل ظاهر مصر ، فرأوا أثر باب بجوار الدير ، فدخلوا المكان فرأوا آثار محاريب المسلمين ، فأنهوا ذلك إلى الصاحب بهاء الدين ، فتقدم إلى القاضي بهاء الدين ناظرا الأحباس أن يتوجه وصحبته نواب الحكم والعدول والمهندسون ومن يعتبر حضوره في مثل ذلك . فتوجه وصحبته القضاة " و " المشايخ : وجيه الدين البهنسي ، وظهير الدين الترمنتي ، وعلم الدين السمنودي نائب الحكم ، ونظام الدين الخليلي ، وجماعة من المهندسين ، فشاهدوا المكان ورأوا به من الأثار ما يدل على أنه مسجد ، وشهدوا بذلك عند القاضي علم الدين السمنودي فأثبته ، ونقل الحكم إلى قاضي القضاة محيي الدين بن عين الدولة . وطولع الملك السعيد بذلك ، فأمر الصاحب بهاء الدين يعمارته وإقامة من يحتاج إليه من إمام ومؤذن وزيت وفرش ، فرتب ذلك له ، وهو باق إلى يومنا هذا .
وفي هذه السنة في رابع شوال : كانت وفاة الصاحب بدر الدين جعفر بن محمد بن علي بن محمد المذحجي الآمدي بدمشق وهو يومئذ ناظر النظار بها ، ودفن بقاسيون . ومولده في سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، وكان هو وأخوه موفق الدين من أمناء المباشرين وأرباب الستر على الكتاب ، ولقب كل منهما بالصاحب ، ولم يليا وزارة . ولما حضرا من بلاد آمد في سنة ثلاثين وستمائة هما وابن أختهما شمس لما نقل الملك الكامل أهل آمد منها . فلما عبر الفرات قال موفق الدين لهما : " اعلما أننا نقدم على بلاد لا نعرف فيها أحدا ، وليس لنا فيها معين إلا الله تعالى ،

الصفحة 150