كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 159 """"""
ذكر فتوح بقية حصون الدعوة
كان قد تقرر على الصاحب نجم الدين عند وصوله إلى السلطان مائة ألف وعشرين ألف درهم في كل سنة ، واستقر شمس الدين في صحبة ركاب السلطان ، فنسب إليه أنه كاتب الفرنج . فحضر والده نجم الدين في سنة تسع وستين وستمائة عند فتوح حصن الأكراد فاعتذر عنه ، وتحدث هو وولده المذكور مع الأتباك في تسليم القلاع ، وأنهما يحضران إلى باب السلطان ، فأجابهم إلى ذلك . وتوجه شمس الدين إلى الكهف لتدبير أمور أهله في عشرين يوما ويعود ، وسافر أبوه في الخدمة إلى القرين ثم إلى الديار المصرية ، فلما حضر والده وصار يعتذر عن الحضور . فكتب إليه السلطان : " أن الذي كنتم سألتموه من تسليم القلاع كأنكم رجعتم عنه ، والوعد الذي وعدناكم نحن ما نخلفه ، من أننا نعطيك إمرة بأربعين فارسا ، وقد تسلم والدك الإقطاع " . فورد جوابه يعتذر عن الحضور ويطلب حصن العليقة ، وأنه يسلم بقية الحصون . فأجيب إلى ذلك . وسير السلطان الأمير علم الدين سنجر الدواداري وقاضي حمص فخلفا شمس الدين بحصن الكهف ، ثم طالبوه من التسليم فامتنع أهل الكهف عن ذلك باتفاق منه ، فعادت الرسل بذلك . ثم أعيد إليه الأمير علم الدين شقير مقدم البريدية ، فمنعا من الدخول إلى الكهف ، ولم تؤخذ منهم الكتب . فأمر السلطان بمضايقتهم ، فندم شمس الدين ونزل من الكهف ، وجاء إلى السلطان بظاهر حماة في سادس وعشرين صفر سنة تسع وستين ، فأكرمه السلطان ، فسير ورقة إلى السلطان يقول : " إن أهل الكهف كانوا جهزوا فداوية إلى الأمراء . " فغضب السلطان وأمر بإمساكه في الوقت وإمساك أصحابه ، وسيروا إلى مصر . واستمرت مضايقة حصونهم ، وأمسك وإلى الدعوة والناظر بسرمين ، وكان لهم أقارب بالخواني ، فأشار عليهم الأمير سيف الدين بلبان الدوادار بمكاتبة أقاربهم بالتسليم . فحضر منهم جماعة ، وأعطاهم السلطان الخلع والنفقات وأجراهم على رسومهم ، فسلموا حصن الخوابي في سنة تسع وستين وستمائة . واستمر امتناع أهل الكهف والمنيقة والقدموس من التسليم ، فرسم السلطان

الصفحة 159