كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 161 """"""
يمكنونكم من بنائه ، وإنما أنا أدفع المسلمين عنه ، وأفهمهم أنني أبنيه لنفسي ، فإذا بنيته سلمته لكم " ، فاغتر الروم بقوله وأعانوه ، فلما بناه استعصى به ، وشرع في بناء حصن آخر امنع منه . ثم إن نقيطا قطبان أنطاكية أتى إلى الحصن وحاصره في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة ، فلم يظفر به ، ثم عاد إليه وملكه وخرب أبرجته إلى الأرض ، ثم عمرت وصارت بعد ذلك للإسماعيلية .
وأما حصن الخوابي : وهو من جبل بهراء ، فإن محمد بن علي بن حامد سلمه للروم في سنة إحدى عشرة وأربعمائة ، ثم صار للإسماعيلية . هذا ما أمكن إيراده من أخبار هذه الفتوحات وابتداء أمر هذه الطائفة .
فلنذكر خلاف ذلك من الغزوات الظاهرية والفتوحات ، وما يتخلل ذلك ويناسبه من الصلح والمهادنات إن شاء الله تعالى .
ذكر غزوات السلطان وفتوحاته وما وقع من المصالحات والمهادنات
ولنبدأ من ذلك بالأمور التي أوجبت انحراف السلطان عن الفرنج بالبلاد الساحلية وأخذ بلادهم .
قد ذكرنا ما كان قد تقرر من الهدنة عند وصول السلطان إلى الشام في سنة تسع وخمسين وستمائة ، وأن الفرنج لم يفوا بما تقرر من إطلاق الأسرى ، فلما وصل السلطان إلى جهة الطور على ما قدمناه في سنة إحدى وستين عند القبض على الملك المغيث صاحب الكرك ، وكان الفرنج قد شرعوا يحيدون عن الحق ويطلبون زرعين ، والسلطان يجاوبهم " إنكم أخذتم العوض عنها في الأيام الناصرية ضياعا من مرج عيون ، وقايضهم بها صاحب تبنين " . ثم وردت رسلهم الآن يهنئون بالسلامة ويقولون : " ما عرفنا بوصول السلطان " . فأجابهم : " إن من يريد يتولى