كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 162 """"""
أمرا ينبغي أن يكون فيه يقظة ، ومن خفي عنه هذه العساكر وجهل ما علمه الوحوش في الفلاة والحيتان في المياه من كثرة هذه العساكر ، التي لعل بيوتكم ما فيها موضع إلا ويكنس منه التراب الذي أثارته خيل هذه العساكر ، ولعل وقع سنابكها قد أصم سماع من وراء البحر من الفرنج وفي موغان من التتار . فإذا كانت هذه العساكر تصل إلى أبواب بيوتكم ولا تدرون بها فأي شيء تعلمون " . وانفصل الرسل على هذا الحال .
ووصلت نواب يافا ، ونواب أرسوف بهدية أخذت منهم ، وكانت كتبهم وردت قبل ذلك مضمونها : طلب فسخ الهدنة والندم عليها ، فصارت ترد الآن ببقائهم عليها وتمسكهم بالمواثيق .
وجرت أمور ومراسلات يطول شرحها اقتضت تغير السلطان ، ثم كاتبهم السلطان يقول : " أنتم في أيام الملك الصالح إسماعيل أخذتم صفد والشقيف على أنكم تنجدونه على السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب ، وخرجتم جميعا خدمته ونجدته ، وجرى ما جرى من خذلانه ، وقتلكم وأسركم واسر ملوككم ومقدميكم . وقد نقصت تلك الدولة ولم يؤاخذكم السلطان الشهيد عند فتوجه البلاد وأحسن إليكم ، فقابلتم ذلك بأنكم رحتم إلى الريد أفرانس وأتيتم صحبته إلى مصر وساعدتموه حتى حوى عليكم ما جرى من القتل والأسرة ، فأي مرة وفيتم فيها لملكة مصر . وبالجملة فأنتم أخذتم هذه البلاد من الصالح إسماعيل إعانة مملكة الشام وطاعة ملكها ونصرته ، وقد صارت ملكة الشام وغيرها لي وأنا لا أحتاج إلى نصرتكم ، فتردون ما أخذتموه بهذا الطريق ، وتفكون جميع أسرى المسلمين ، وغير ذلك لا أقبله . " فلما سمعوا هذه المقالة قالوا : " نحن لا ننقص الهدنة ونطلب مراحم السلطان في استدامتها ، ونفك الأسرى " . فقال السلطان : " كان هذا قبل خروجي في هذا الشتاء ووصول هذه العساكر " . وانفصلوا على هذه الصورة ، وامر أنهم لا يبيتون في الوطاق . ورسم بهدم كنيسة الناصرة وهي أكبر مواطن عبادات النصرانية . فتوجه