كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 167 """"""
العساكر في رابع عشر ربيع الأول ، وأمر الأمير جمال الدين إيدغدي الحاجبي بالسفر في أربعة آلاف فارس آخر ، فخرجوا بعد العسكر الأول بأربعة أيام ، وشرع السلطان في التجهيز ، وخرج في خامس شهر ربيع الآخر ، ورحل في سابع الشهر ، ووصل إلى غزة في العشرين منه ، فوصلت كتب النواب : إن العدو نصب على البيرة سبعة عسرة منجنيقا . فكتب إلى الأمير عز الدين إيغان يستحثه على سرعة الحركة ، ويقول : " متى لم تدركوا هذه القلعة ؟ ةإلا سقت إليها بنفسي جريدة " . فساق العسكر وحث السير ، فلما كان في السادس والعشرين من شهر ربيع الآخر ، ورد البريد من جهة الأمير جمال الدين النجي نائب السلطنة بالشام وعطف كتابه بطاقة من الملك المنصور صاحب حماة مضمونها : إنه وصل إلى البيرة بالعساكر المنصورة صحبة الأمير عز الدين إيغان ، وإن التتار عندما شاهدوه هربوا ، ورموا مجانيقهم وغرقوا وغرقوا مراكبهم ، وانهزموا لا يلوي أحد منهم على أحد . ثم وصلت أربعة من مماليك الأمراء بالبشارة . وورد كتاب الأمير جمال الدين أقوش المغيثي النائب بالبيرة يذكر صورة الحال ، وإنه لما كثر العدو على القلعة وطم الخندق ، حفر أهل البيرة حفيرا قدر قامة ، وعملوا منه سردابا نافذا إلى الأحطاب ، التي كان العدو رماها في الخندق فأضرموا فيها النار ، فاحترقت جميعها ، ثم سد المسلمون السرب المحفور . وذكر مصابرة أهل الثغر ، وإن نساءهم فعلن من حسن البلاء في مصابرة الأعداء ما لم يفعله الرجال . ومن جملة ما وصف أن برجا واحدا كان عليه خمسة عشرة منجنيقا وثبت شهرين . فكتب السلطان بإطابة قلوب من بالثغر ، وعيت أمثلة بالإقطاعات لمن جاهد من البحرية وغيرهم بالبيرة . واستشهد صارم الدين بكتاش الزاهدي أحد الأمراء المجردين بها بحجر منجنيق ، وترك موجودا كثيرا وبنتا واحدة ؛ فرسم السلطان بجميع ميراثه لابنته . واهتم السلطان بأمر القلعة ، وكتب إلى جميع القلاع والولايات بما يحملون إلى هذا الثغر من الأموال والغلال والأسلحة والعدد وغير ذلك ، مما يحتاج أهل هذه القلعة إليه لمدة عشر سنين . وكتب إلى الأمراء والملك المنصور صاحب حماة أنهم لا يتحركون من مكانهم حتى ينظفوا الخندق وينقلوا الحجارة التي فيه ، ففعلوا ذلك وأقاموا مدة بسببه . ووردت كتب الأمراء يخبرون أنه لما كانت نوبة الأمير عز الدين إيغان والأمير فخر الدين الحمصي والأمير