كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 168 """"""
بدر الدين الأيدمري وجماعة من البحرية ، وكانت خيلهم ترعى في الجانب الشامي وهم يعملون ، فأحاط بهم في القابلة التتار المغل ملبسين ، فأجمعوا ورموهم بالنشاب وأنكرهم بالجراحات فولوا منهزمين ، وساق العسكر خلفهم فوجدوا منهم جماعة قد هلكوا في الطريق من الجراحات ، وقتل جماعة في ذلك اليوم . فاستدعى السلطان من الديار المصرية مائتي ألف درهم ومائتي تشريف ، وكتب إلى دمشق بتجهيز مائة تشريف ودراهم ، وجهز ذلك إلى البيرة ، وكتب إلى الأمير عز الدين إيغان بأن يحضر أهل القلعة جميعهم من الأمراء والجند والعوام ويخلع عليهم وينفق فيهم المال حتى الحراس والضوية . ثم عاد الأمراء بعد أن نظفوا الخندق ونقلوا إلى القلعة زلطا كثيرا . ولما وصلوا رسم السلطان أن يكون الأمير جما الدين المحمدي مقدما على العساكر المصرية والشامية لكبر سنه ، والأمير عز الدين إيغان يتحدث في المهمات وإطلاق الأموال وترتيب أمور البلاد .
هذا ما اتفق من أمر البيرة . فلنذكر ما افتتحه السلطان من البلاد الساحلية في هذه السفرة .
ذكر الفتوحات بالبلاد الفرنجية في هذه السفرة
قال : لما وصلت الأخبار إلى السلطان وهو بالساحل بانهزام التتار ، واستقر خاطره من تلك الجهة ، ثنى أعنته إلى جهة الفرنج وجرد العزائم نحوهم . وركب من العوجاء بعد رحيل الأطلاب للصيد في غابة أرسوف . ورتب الحلقة ودخل الغابة وتصيد . ثم ساق إلى أرسوف وقيسارية وشاهدهما وعاد إلى دهليزه ، فوجد أخشاب المجانيق قد وصلت صحبة زرد خانا . فأمر الأمير عز الدين أمير جاندار أن ينصب عدة مجانيق مغربية وفرنجية ، فعمل في ذلك اليوم أربع منجنيقات كبار وعدة من الصغار . وكتب إلى القلاع يطلب المجانيق والصناع والحجارين ورسم للعسكر بعمل سلاليم وعين لكل أمير عدة منها ، ورحل إلى قريب عيون الأساور من وادي عارة