كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 17 """"""
مطلوبا ، ولا تول منهم إلا من تكون مساعيه حسنات لك لا ذنوبا . وأمرهم بالأناة في الأمور والرفق ، ومخالفة الهوى إذا ظهرت أدلة الحق ، وأن يقابلوا الضعفاء في حوائجهم بالثغور الباسم والوجه الطلق . وألا يعاملوا أحدا على الإحسان والإساءة إلا بما يستحق ، وأن يكونوا لمن تحت أيديهم من الرعية إخوانا ، وأن يوسعهم برا وإحسانا ، وألا يستحلوا حرماتهم إذا استحل لهم الزمان حرمانا ، والمسلم أخو المسلم ، وإن كان أميرا عليه أو سلطانا . فالسعيد من نسج ولاته في الخير على منواله ، واستنوا بسنته في تصرفاته وأحواله ، وتحملوا عنه ما تعجز قدرته عن حمل أثقاله " .
" ومما يؤمرون به أن يمحي ما أحدث من سيئ السنن ، وجدد من المظالم التي هي على الخلائق من أعظم المحن ، وأن يشتري بإبطالها المحامد ، فإن المحامد وخيصة بأغلى الثمن . ومهما جنى منها من الأموال فإنها فانية وإن كانت حاصله ، وأجياد الخزائن وإن أصبحت بها خالية فإنما هي الحقيقة عاطلة وهل أشقى ممن احتقب إثما ، واكتسب بالمساعي الذميمة ذما ، وجعل السواد الأعظم يوم القيامة له خصما ، وتحمل ظلم الناس مما صدر عنه من أعماله ، وقد خاب من حمل ظلما . وحقيق بالمقام الشريف السلطاني الملكي الظاهري الركني أن تكون ظلامات الأيام مردودة بعدله ، وغزائمه نخفف عن الخلائق ثقلا لا طاقة لهم بحمله ، فقد أضحى على الإحسان قادرا ، وصنعت له الأيام ما لم تصنعه لمن تقدم من الملوك وإن جاء آخرا ، فأحمد الله على ما آن وصل إلى جنابك إمام هدى واجب لك مزية التعظيم وتنبيه الخلائق على ما خصك الله به من هذا الفضل العظيم . وهذه أمور ينبغي أن تلاحظ وترعى ، وأن توالي عليها حمد الله ، فإن الحمد يجب عليها عقلا وشرعا . وقد تبين أنك صرت في الأمور أصلا ، وصار غيرك فرعا " .
ومما يجب ذكره : الجهاد الذي أضحى على الأمة فرضا ، هو والعمل الذي يرجع به مسود الصحائف مبيضا . وقد وعد الله المجاهدين بالأجر العظيم ، وأعد لهم عنده المقام الكريم ، وخصهم بالجنة لا لغو فيها ولا تأثيم " .
" وقد تقدمت لك في الجهاد يد بيضاء أسرعت في سواد في سواد الحساد ، وعرف منك عزمة هي أمضي مما تحت ضمائر الأغماد . واشتهرت لك مواقف في القتال هن أبهى وأشهى إلى القلوب من الأعياد . وبك صان الله حمى الإسلام من أن يبتذل ،

الصفحة 17