كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 170 """"""
تحته بالعجل حتى يصل إلى الأسوار ويرى النقوب واخذ في بعض الأيام بيده ترسا وقاتل ، وما رجع إلا وفي ترسه عدة سهام . وفي ليلة الخميس منتصف الشهر حضر الفرنج وسلموا القلعة بما فيها ، وتسلق المسلمون إليها من الأسوار وحرقوا الأبواب ودخلوا من أعلاها واسفلها ، وأذن بالصبح عليها . وطلع السلطان إلى القلعة قسم المدينة على أمرائه وخواصه ومماليكه وحلقته ، وشرع في الهدم واخذ بيده قطاعة وهدم بنفسه ويده .
وقيسارية هذه من المدن القديمة فيحت في صدر الإسلام في سنة تسع عشرة للهجرة ، على يد معاوية بن أبي سفيان ، بعد قتال عظيم ، ولم يكن معاوية امير الجيش ، إنما كان من قبل أخيه يزيد بن معاوية .
وفي جماد الأول : جرد السلطان الأمير شهاب الدين القيمري بجماعة من عسكر الساحل لجهة بيسان ، فسير جماعة من العربان والتركمان للإغارة على عكا فأغاروا ووصلوا إلى أبوابها وغنموا وعادوا .
ذكر التوجه إلى عثليث وأخذ حصن الملوحة وحيفا
قال : ولما قارب السلطان الفراغ من هدم قيسارية سير الأمير شمس سنقر الألفي الظاهري ، والامير سيف الدين المستعربي ، وجماعة فهدموا قلعة للفرنج عند الملوحة وكانت عاصية فدكوها إلى الأرض .
وفي سادس وعشرين جمادى الأولى : توجه السلطان إلى عثليث جريدة ، وسير الأمير شمس الدين سنقر السلاح دار الظاهري والأمير عز الدين الحموي ، والأمير شمس الدين سنقر الألفي الظاعري إلى حيفا ، فساروا إليها ودخلوا قلعتهما ، فنجا الفرنج بأنفسهم إلى المراكب بعد أن قتل منهم وأسر . وأحضرت الأسرى والرؤوس ، وأخربوا المدينة وقلعتها وأحرقوا أبوابها ، وذلك جميعا في يوم واحد . وأما السلطان فإنه وصل إلى عثليث وأمر بتشعيثها وقطع أشجارها ، فقطعت جميعها وخربت أميتها في ذلك النهار ، وعاد السلطان إلى قيسارية وكمل هدمها .

الصفحة 170