كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 174 """"""
المال ، وتقدم بأن يملك الأمراء " المجاهدون " من البلاد التي فتحها الله على يديه ما يأتي ذكره . وكتبت التواقيع لكل منهم ولم يطلعوا عليها ، ولما كملت التواقيع قرئت على أربابها ، وكتب بذلك مكتوب جامع بالتمليك : ونسخته بعد البسملة : أما بعد حمد الله على نصرته المتناسقة العقود ، وتمكينه الذي وفلت الملة الإسلامية منه في أصفى البرود ، وفتحه الذي إذا شاهدت العيون مواقع نفعه وعظيم وفعه علمت أنه علمت أنه الأمر ما يسود من يسود .
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي جاهد الكفار ، وجاهرهم بأعمال السيف البتار ، وأعلمهم لمن عقبي الدار ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تتواصل بالعشي والإبكار . فإن خير النعم نعمة وردت بعد اليأس ، وجاءت بعد توحشها وهي حسنة الإيناس ، وأقبلت على فترة من تخاذل الملوك وتهاون الناس ، " وصرعت أبواب الجهاد وقد غلقت في الوجوه ، وأنطقت السنة المنابر وشفاة المحابر بالبشائر التي ما اعتقد أحد أنه بها يفوه " ، فأكرم بها نعمة على الإسلام وصلت للملة المحمدية أسبابا ، وفتحت للفتوحات أبوابا ، وهزمت من التتار والفرنج العدوين ، ورابطت بين الملح الأجاج والعذب الفرات بالبرين والبحرين ، وجعلت عساكر الإسلام تذل الفرنج بغزوهم في عقر الدار ، وتجوس من حصونهم المانعة خلال الديار والأمصار ، وتملأ خنادقهم بشاهق الأسوار ، وتقود من فضل عن شبع السيف الساغب في قبضة القيد إلى حلقات الأسار . ففرقة منها تقتلع للفرنج قلاعا وتهدم حصونا ، وفرقة تبني ما هدم التتار بالمشرق وتعليه تحصينا . وفرقة تتسلم بالحجاز قلاعا شاهقة وتتسم هضابا سانقة ، فهي بحمد الله البانية الهادمة والمفيدة العادمة والقاسمة الراحمة . كل ذلك بمن اقامه الله للأمة الإسلامية راحما ، وجرد به سيفا قد شحذت التجارب حديه ففرى ، وحملت رياح النصرة ركابه تسخيرا فسار إلى مواطن الظفر وسرى ، وكونته السعادة ملكا إذا رأته في دستها قالت تعظما : " هذا ملك ما هذا بشرا " . وهو مولانا السلطان الأجل العالم