كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 175 """"""
العادل المؤيد المنصور ، ركن الدنيا والدين ، سلطان الإسلام والمسلمين ، سيد الملوك والسلاطين ، محيي الدل في العالمين ، قاتل الكفرة والمشركين ، قاهر الخوارج والمتمردين ، سلطان بلاد الله ، حافظ عباد الله ، وارث الملك سلطان العرب والعجم والترك ، اسكندرالزمان ، صاحب القرآن ، ملك البحرين صاحب القبلتين ، خادم الحرمين الشريفين ، الآمر ببيعة الخليفتين صلاح الجمهور صاحب البلاد والأقاليم والثغور ، فاتح الأمصار ، مبيد التتار ، ناصر الشريعة المحمدية ، رافع علم الملة الإسلامية ، مقتلع القلاع من الكافرين ، القائم بفرض الجهاد في العالمين أبو الفتح بيبرس قسيم أمير المؤمنين ، جعل الله سيوفه مفاتيح البلاد وأعلامه أعلاما من الأسنة ، على رأسها نار لهداية العباد ، فإنه آخذ البلاد ومعطيها ، وواهبها بما فيها ، وإذا عامله الله بلطفه شكر ، وإذا قدر عفا وأصلح ، فكم وافقه قدر ، وإذا أهدت إليه النصرة فتوجا بسيفه قسمها في حاضريها لذيه منكرما ، وقال الهدية لمن حضر ، وإذا خوله الله تخويلا من بلاد الكفر وفتح على يديه قلاعا جعل الهدم للأسوار ، والدماء للسيف البتار ، والرقابللإسار ، والنواحي المزروعة للأولياء والأنصار ، ولم يجعل لنفسه إلا ما تسطره الأملاك في الصحائف لصاحفه من الأجور ، وتطوي عليه طويات السير التي غدت بما فتحه الله من الثغور باسمه الثغور .
فتى جعل البلاد من العطايا . . . فأعطى المدن واحتقر الضياعا
سمعنا بالكرام وقد رأينا . . . عيانا ضعف ما فعلوا سماعا
إذا فعل الكرام على قياس . . . جميلا كان ما فعل ابتداعا
ولما كان - خلد اله سلطانه - بهذه المثابة ، وفتح الفتوحات التي أجزل الله بها أجره وثوابه ، وله أولياء كالنجوم إنارة وضياء ، وكالأقدار نفاذا ومضاء ، وكالعقود تنافسا ، وكالوبل تلاحقا إلى الطاعة وتسابقا ، وكالنفس الواحدة عبودية له تصادقا ، رأى - خلد الله سلطانه - أن ينفرد عنهم بنعمة ، ولا يتخصص ولا يستأثر بمنحة غدت بسيوفهم تستنقذ ، وبعزائمهم تستخلص ، وأن يؤثرهم على نفسه ، ويقسم عليهم الأشعة من أنوار شمسه ، ويبقى للولد منهم وولد الولد ما يدوم إلى آخر الدهر ويبقى على الأبد ، ويعيش الأبناء في نعمته كما عاش الآباء . وخير الإحسان ما شمل ،