كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 180 """"""
علاء الدين " سنجر " الباقشردي قد اطلع على حركته ، فاحترز وجعل الطلائع على المخائض . فقصد البرنس مخاضة بلاله فسيقه الباقشردي إليها وملكها . فلما جاء البرنس ورآها قد ملكت عدل إلى غيرها فقويت نفوس المسلمين ، وعدوا الماء إليه وتبعوه فانهزم ، وساقوا خلفه يقتلون ويأمرون وينهبون إلى أن توغل في بلاده .
ذكر إغارة العساكر على طرابلس بالشام وفتح قلعة حلبا وقلعة عرقا
وفي سنة أربع وستين وستمائة في شهر رجب ، أهتم السلطان بأمر الغزاة ، وطلب الأجناد من إقطاعاتهم من سائر أعمال الديار المصرية . فحضروا بأجمعهم . وخرج السلطان في مستهل شعبان ورحل في ثالثه . ولما وصل إلى غزة جرد الأمير جمال الدين أيدغدي العزيزي والأمير سيف الدين قلاون الألفي وجماعة من العسكر المنصور . وتوجه السلطان لزيارة البيت المقدس والخليل ، صلوات الله عليه ، فزار وكشف المظالم ومد سماط الخليل ، عليه الصلاة والسلام ، وأكل منه وأكل الناس ، وفرق جملة من المال على الأئمة والفقراء والمؤذنين والعوام وغيرهم ، وبلغه أن اليهود والنصارى يؤخذ منهم حقوق زيارة الخليل ، والنزول في المغارة ، فأنكر ذلك ، وكتب مرسوما بمنع أهل الذمة من دخول المقام الشريف .
ثم رحل إلى عين جالوت .
وأما العسكر المجرد : فوصلوا إلى حمص فورد عليهم كتاب السلطان بالتوجيه إلى طرابلس ، فركبوا على غرة من العدو ، فأصبحوا على حصن الأكراد ، وأغاروا إلى ساحل البحر من جهة طرابلس ، ونزلوا على حصن ثيب من عمل حصن الأكراد فأقاموا عليه يوما واحدا ، فأخذوه وأسروا منه جماعة وهرب من كان بحلبا من الفرنج وأخلوها ، فدخلها العسكر وكسبوا منها شيئا كثيرا من نحاس وصناديق وسكر وغيره ، ولما هرب أهلها أدرك العسكر أواخرهم ، فقتلوهم وأخذوا نسائهم . ولما شاهد أهل عرقا ما حل بحلبا نجوا بأنفسهم ، فأخرب العسكر القلعتين ونزلوا على حصن القليعات فتسلموه في رابع شهر رمضان بالأمان وهدموه ، وعادت العساكر . فنزل الأمير سيف الدين قلاون بالقرب من القليعات ، وسير بالليل بعض المقدمين ليترقب من يخرج من

الصفحة 180