كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 182 """"""
ذكر فتوح صفد
كان السلطان ، قبيل توجهه إلى عكا ، قد رسم للأمير علاء الدين أيدكين الشهابي أحد الأمراء بالشام ولجماعة من العسكر أن يتوجهوا إلى بلاد الفرنج ، ولم يعلم إلى أي جهة . ثم كتب كتابا زأمره أن لا يقرأه إلا إذا ركب هو والعساكر ، وكان مضمونه أن يتوجه إلى صفد ، ويتوجه الأمير فخر الدين الفايزى إلى الشقيف . فتوجه الأمير علاء الدين إليها وأحاط بها إحاطة حافظ لا مقاتل ، ثم جرد الأمير بدر الدين بكتاش الفخري أمير سلاح ومعه دهليز إلى صفد ، ثم حضر إليها الأمير علاء الدين البندقدار والأمير عز الدين إيغان الركني بعد إغارتهم على صور فنزلوا إليها وضايقوها ، وأقام السلطان على عكا . ثم حضرت عساكر الغارات ، وعمل " السلطان " عدة مجانيق وفرقها على الأمراء ليحملوها ، ثم رحل والعساكر لابسة وساق إلى قريب باب عكا ووقف على تل الفضول ، ثم دخل إلى عين جالوت ، وكان الأمير سيف الدين الزيني قد توجه إلى دمشق لإحضار المجانيق ، فأحضرها وحملت على الرقاب ، وسار السلطان ونزل على صفد في يوم الاثنين ثامن شهر رمضان سنة أربع وستين وستمائة . وأنفق السلطان في العساكر ، وأتفق أن الناس تناوشوا القتال فساق الأمير عز الدين خاص ترك الظاهري وحمل وواصل الطعن ، فتقدم الحجارون وأخذوا في النقوب ورمي الزراقون بالنفط فاحترق الباب . وأنعم السلطان على خاص ترك بعشرة آلاف درهم وفرس وجوشن وخلعة . ثم أقيمت المجانيق ورمت في سادس وعشرين الشهر ، وكان وصولها في حادي العشرين منه ، ولما وصلت إلى جسر يعقوب عجز الجمال عن نقلها ، فندب السلطان الأمراء والجند وسائر الناس لحملها على الرقاب ، وخرج " السلطان " بنفسه وخواصه وجر أخشابها بيده . ووصلت العساكر التي كانت في الغارة ببلاد طرابلس ، واستمر الحصار وشرع الناس والزحف في شوال ، وأمر السلطان بتحريك الطلبخاناه في نصف الليل ، وركب وهجم خندق الباشورة ، فقاتل الفرنج قتالا شديدا ، وابلى المؤمنون بلاء حسنا واستشهد جماعة من المجاهدين ، وصار الإنسان