كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 190 """"""
ولده جاك بعده .
ولما كان السلطان على صفد لعمارتها حضر إليه قسطلان يافا وسأله في هدنة لولد صاحبها . فامتنع السطان من ذلك . ثم وصلت الأخبار أن أهل يافا يحملون الميرة إلى عكا ، وكانت ممنوعة عنها . وأقاموا في ايفا حانة وأوقفوا فيها عدة من المسلمات ، واعتمدوا أسباب ليست في هدنة . فلما كان في سنة ست وستين وستمائة ، خرج السلطان من الديار المصرية متوجها إلى الشام ، وذلك في مستهل جمادى الآخر ورحل في ثالثه ووصل إلى غزة ، وبلغه أن جماعة من تالجمالي تعرضوا إلى الزروع فقطع أنواعها . وبلغه أن علم الدين سنجر الحموي أحد أمرائه ، ساق في زرع فأنزله عن فرسه وأعطاه " وأعطى " سرجه ولجامه لصاحب الزرع . ونزل السلطان على العوجاء فأحضر إليه القسطلان وأكابر يافا ، فعوقوا إلى أن يخرجوا من الدعاوى ، فبذلوا للسلطان تسليم المدينة والقلعة على أن يطلقوا بأموالهم واولادهم . فأجيبوا إلى ذلك .
وركب السلطان في العشرين من جمادى الآخرة وساق إليها وما أحسن أهلها إلا والعساكر قد أطلقت بها . وأخذ الأتابك من حصل معه من حصل معه الحديث منهم وحضر به إلى يافا ، فما تفاوضوا في الحديث إلا والعسكر قد طلعتها من كل جانب ، وفتحت أبوابها . ثم زحفوا على القلعة فسلمها أهلها في اليوم الثاني ، ومنع السلطان من نهبها ، وطلع إلى القلعة وجهز أهلها إلى مأمنهم ، وجرد معهم الأمير بدر الدين بيسرى ، وشرع في هذم القلعة فهدمت ، وأخذ من أخشابها وألواح رخام وجدت فيها ما أوسق بها مركبا وسيرها إلى القاهرة . ورسم يعمل ذلك الخشب مقصورة في الجامع الظاهري بالحسينية والرخام لمحرابه . ورتب السلطان الخفراء على السواحل وألزمهم بدركها ، ورسم أن المال المتحصل من هذه البلاد لا يغمس في غيره ، وجعل مأكوله ومشروبه منه . وملك الأمير علاء الدين منها قرية ، والأمير علم الدين سنجر الحموي قرية . ورتب إقامة التركمان بالبلاد الساحلية لحمايتها ، وقرر عليها خيلا وعدة . ورسم بتجديد مقام الخليل ، عليه الصلاة والسلام ، وعمل مكان الخوان ناحية من الحرم .