كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 193 """"""
للمقدمين ، فأمسكوا جماعة وتوهموا من الوزير . وكان الفرنج لما تسلموا الشقيف من الملك الصالح إسماعيل ، في سنة ثمان وثلاثين وستمائة ، هو وصفد ، عمروا إلى جانبه قلعة أخرى ، فعجزوا في هذا الوقت عن حماية جهتين . فلما كان في ليلة الأربعاء السادس والعشرين من شهر رجب عمدوا إلى هذه القلعة المستجدة وحرقوا جميع ما بها من غلة وقماش وغيره ، وانتقلوا إلى القلعة المستقرة ، وأصبح المسلمون وتسلموها ، وقدمت المجانيق إلى هذه القلعة في سابع وعشرين الشهر ورمى بها . وأقام السلطان في سطح برج من أبراجها بالقرب من العدو ، فعرف الفرنج موضعه فرموا حجرا قريبا منه فقتل ثلاثة نفر ، ولم ينتقل السلطان عن موضعه . وكان باب هذه القلعة تجاه باب القلعة الأخرى ، فعمل السلطان سربا طويلا في أعلى القلعة نازلا إلى أسفلها وصار يتعلق به ويطلع وينزل وهو لابس عدته .
قال . واشتد القتال ، فبينما الناس في ذلك وإذا بالوزير كليام قد خرج مستأمنا ، ثم سألوا الأمان على نفوسهم وأنهم يوخذون أسارى ، وسألوا إطلاق الحريم والأطفال ، فأجاب السلطان إلى ذلك . وفي يوم الأحد سلخ شهر رجب سنة ست وستين وستمائة ، استدعو الصناجق فرفعت على القلعة . وسير الأمير بدر الدين الخزندار فتسلمها ، وخرج الفرنج إلى الخنادق فقيدوا ، وأخرج النساء والأطفال . وجرد الأمير بدر الدين بيسرى الشمسي صحبتهم فاوصلهم إلى جهة صور ، وسلم الرجال إلى العساكر .
قال : وهذا الشقيف من أحصن المعاقل وأحسنها وكان مضرة على بلاد الصبيبة . وكان الملك العادل الكبير قد جدده ، وما زال في يد الإسلام إلى أن سلمه الصالح اسماعيل للفرنج على ما قدمناه .
قال : ولما قدر الله تعالى فتح الشقيف ، اتفق " السلطان " في جميع العساكر وخلع على الملوك الذين في خدمته ، مثل : الملك المنصور صاحب حماة وأخيه ، وأولاده صاحب الموصل ، والملك الأمجد بن العادل ، وغيرهم من أولاد الملوك ، وعلى الأمراء والمقدمين ، ومن جرت عادتهم بالخلع . وشرع السلطان في هدم القلعة المستجدة فهدمت إلى الأرض ورتب الأمير صارم الدين قاريماز الظافري نائبا لهذه