كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 194 """"""
القلعة ، ورتب فيها الأجناد والرجالة ، ورتب بها قاضيا وخطيبا ، وأقيمت شعائر الإسلام بهذه القلعة وجميع تلك البلاد ، وولى الأمير سيف الدين بلبان الزيني عمارتها ، وكان قد خرج منهخا جماعة من المسلمين حالة الحصار فكتب لهم السلطان فدنا وقفا عليهم .
ذكر توجه السلطان إلى طرابلس وإغارته عليها
كان بيمند صاحب طرابلس قد كثر تعديه على بلاد الإسلام ، وأخذ البلاد المجاروة له بعد زوال الأيام الناصرية واستيلاء التتار على الشام ، وكان من أكبر أعوان التتار . فلما رحل السلطان من الشقيف نزل قريبا من جسر بانياس ، وجهز الأثقال إلى دمشق وجرد الأمير عز الدين غيغان بجماعة توجهوا من جهة ، والأمير بدر الدين الأيدمري بجماعة من جهة أخرى ، فحفظت الطرقات وامتلأت بالعساكر ، وتوجه إلى طرابلس على جهة جبال الطنين ، وكان البرنس قد وعر الطرقات ، فوصل السلطان في نصف شعبان وملك هذه الجبال التي يقول فيها المتنبي :
وجبال لبنان وكيف بقطعها . . . وهو الشتاء وصيفهن شتاء
لبس الثلوج بها على مسالكي . . . فكأنها ببياضها سوداء وخيم السلطان قريبا من طرابلس واستمر على الركوب إليها ، والعساكر تناوش " أهلها " القتال ويرامونهم بالنشاب ، وافتتح برجا قد عصى فيه جماعة من الفرنج " و " ضرب رقابهم وجرد جماعة خربوا الحرث ونهبوا تلك الجبال واخذوا عدة مغاير بالسيف ، وقطعت الأشجار وهدمت الكنائس وقنى المياه والقناة الرومانية ، وقسم السلطان الغنائم في العساكر ورحل عن طرابلس في العشر الآخر من شعبان من السنة .
ذكر فتوح أنطاكية
لما رحل السلطان عن طربلس لم يطلع أحدا على الجهة التي يقصدها ، فتوجه

الصفحة 194