كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 195 """"""
إلى حمص في سابع وعشرين شعبان ، وأمر ببناء مسجد بحمص ، ولما وصل إلى حماة رتب العساكر ثلاث فرق : فرقة صحبة الأمير بدر الدين الخزندار ، وفرقة مع الأمير عز الدين إيغان ، وفرقة صحبة الركاب السلطاني .
فتوجه الأمير بدر الدين الخزندار إلى السويدية ، وتوجه الأمير عز الدين إيغان إلى الدرب ساك ، فقتلوا وأسروا . وتوافوا جميعهم بأنطاكية ، ونزل السلطان أفامية ، ومنها إلى جسر تحت الشغر وبكاس ، وأصبح مغيرا على أنطاكية وذلك في مستهل شهر رمضان .
وتقدم في الجاليش الأمير شمس الدين أفسنقر أستاد الدار ، فصادف جماعة من عسكر أنطاكية وأنتشبت الحرب بينهم ، فحمل أحد أجناد الأمير شمس الدين أفسنقر وهو فلان الدين المظفري على كندا سطيل فأسره وأحضره إلى السلطان ، فأمره السلطان واحسن إليه . واطافت العساكر بأنطاكية من كل جانب . وكان النزول عليها بالخيام والثقل ، بكرة يوم الجمعة ثالث شهر رمضان سنة ست وستين وستمائة . ولما حضر كندا سطبل إلى السلطان رآه رجلا عاقلا ، فسأل أنه يدخل إلى أنطاكية ويتوسط لأهلها ، فجرى السلطان على عادته في الإنذار قبل المهاجمة . فسير كندا سطبل " من " أحضر ولده رهينة ، ودخل البلد وتحدث ، وخرج مع جماعة من القسيسين والرهبان ، وأقاموا يترددون ثلاثة أيام فظهر منهم قوة نفس وخوف من صاحبهم البرنس . وفي بكرة السبت أنذرهم بالزحف ، وصبر حتى دخل الأقساء والرهبان إلى أنطاكية ، ورسم بالزحف . فزحفت العساكر وأطافت بالمدينة والقلعة على اتساعها ، وقاتل أهلها قتالا شديدا . فتسور المسلمون الأسوار من جهة الجبل بالقرب من القلعة ونزلوا المدينة ، فهرب أهلها إلى القلعة . وشرعت الغساكر في النهب والقتل والأسر ، وما رفع السيف عن أحد من الرجال بالمدينة ، وكان بها فوق المائة ألف نفر . وأخذ التركمان من النائم مالا يحصى . ثم رسم السلطان بحفظ أبواب المدينة والإحتراز عليها . وأما القلعة فاجتمع فيها ثمانية آلاف مقاتل غير الحريم والأولاد ، فتحاشروا بها فمات عالم . وأما البالي والوزير الوالي فإنهم لما شاهدوا هذا الحال