كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 196 """"""
هربوا رجالة في الليل ، تدلوا بالحبال ، وأصبح أهل القلعة فما وجدوا أحدا منهم ، ولم يكن بالقلعة ماء ولا طواحين تكفيهم . فسيروا يوم الأحد ثاني يوم الفتح يطلبون الأمانة من القتل وأنهم يؤخذون أسرى . فللوقت طلع السلطان فصادف جميع من في القلعة قد خرج إلى ظاهرها وعليهم الملابس الحسنة واستغاثوا للسلطان ، فعفا عنهم من القتل ، وأحضرت الحبال فربطوا بها ، وتسلم كل أمير جماعة من الأسرى ، وكذلك كل مقدم ، والكتاب ينزلون ذلك ، وكتبت كتب البشائر ، ومن جملتها كتاب إلى صاحب إنطاكية : نسخته بعد البسملة : " قد علم القومص الجليل " البجل العزز الهمام ، الأسد الصرغام ، بيمند فخر الأمة المسيحية ، رئيس الطائفة الصليبية كبير الأمة العيسوية " بيمند المتنقلة مخاطبته بأخذ أنطاكية " منه " من البرنسية إلى القومصية ، ألهمه الله رشده ، وقرن بالخير قصده ، وجعل النصيحة محفوظة عنده . ماكان من قصدنا طرابلس وغزونا له في عقر الدار ، وما شاهده بعد رحيلنا من إخراب العمائر ، وهدم الأعمار ، وكيف كنست تلك الكنائس من بساط الأرض ، ودارت الدوائر على كل دار ، وكيف جعلت تلك الجزائر من الأجساد على ساحل البحر كالجزائر ، وكيف قتلت الرجال ، واستخدمت الأولاد ، وتملكت الحرائر ، وكيف قطعت الأشجار ، ولم يترك إلا ما يصلح لأعواد المجانيق " إن شاء الله " والستائر ، وكيف نهبت لك ولرعيتك الأموال والحريم والأولاد والمواشي ، وكيف استغنى الفقير وتأهل العازب واستخدم الخديم وركب الماشي " . " هذا وأنت تنظر المغشى عليه من الموت ، وإذا سمعت صوتا قلت فزها : على هذا الصوت ، وكيف رحلنا عنك رحيل من يعود ، وأخرناك وما كان تأخيرك إلا لأجل

الصفحة 196