كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 197 """"""
معدود . وكيف فارقنا بلادك ، وما بقيت ماشية إلا وهي لدينا ماشية ، ولا جارية إلا وهي في ملكنا جارية ، ولا سارية إلا و هي في أيدي المعاول سارية ، ولا زرع إلا وهو محصود ، ولا موجود لك إلا وهو منك مفقود ، ولا منعت تلك المغاير التي هي في رؤوس الجبال الشاهقة ، ولا تلك الأدوية التي هي في التخوم مخترقة وللعقول خارفة . وكيف سقنا عنك ولم يسبقنا إلى مدينتك أنطاكية خير . وكيف وصلنا إليها وأنت لا تصدق أننا نبعد عنك ، وإن بعدنا فسنعود على الأمر . وها نحن نبلغك بما تم ، ونفهمك بالبلاء الذي عم " .
" كان رحيلنا عنك " و " عن طرابلس يوم الأربعاء رابع عشرين شعبان ، ونزولنا أنطاكية في مستهل شهر رمضان . وفي حالة النزول خرجت عساكرك المبارزة فكسروا ، وتناصروا فما نصروا ، وأسر من بينه كندا سطبل ، فسأل مراجعة أصحابك . فدخل إلى المدينة ، فخرج هو وجماعة من رهبانك وأعيان أعوانك فتحدثوا معنا ، فرأيناهم على رأيك في إتلاف النفوس بالغرض الفاسد ، وأن رأيهم في الخير مختلف ، وقولهم في الشر واحد ، فلما رأيناهم قد فات فيهم الفوت ، وأنهم قد قدر الله عليهم الموت رددناهم وقلنا : " نحن الساعة لكم نحاصر ، وهذا هو الأول في الإنذار والآخر " فرجعوا متشبهين بفعلك ومتعقدين إنك تدركهم بخيلك ورجلك ، ففي بعض ساعة مر شأن المرشان ، وداخل الرهب الرهبان ، ولان للبلاء القسطلان ، وجاءهم الموت من كل مكان " .
" وفيحنا بالسيف في الساعة الرابعة من يوم السبت رابع شهر رمضان ، وقتلنا كل من اخترته لحفظها والمحاماة عنها ، وما كان أحد منهم إلا وعنده شيء من الدنيا ، فما بقي أحد منا إلا وعنده شيء منهم ومنها . فلو رأيت خيالتك وهم صرعى تحت أرجل الخيول ، وديارك والنهاية فيها تصول ، والكسابة فيها تجول ، وأموالك وهي

الصفحة 197