كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 20 """"""
ذكرنا من خروج طائفة من التتار وقتال الخليفة لهم واستشهاده ، رحمه الله تعالى ، على ما قدمناه في أخباره ، في أخبار خلفاء الدولة العباسية .
وحسب ما أنفق في مهم الخليفة والملوك فكان ألف ألف دينار عينا .
وفي هذه السنة قبل مسير السلطان إلى الشام ، كتب منشور الأمير شرف الدين عبسي بن مهنا بالإمرة على جميع العربان ، وأطلق السلطان العريان الغلال من بلد حلب ، وذلك قبل خروج السلطان إلى الشام .
هذا ما كان من الأخبار بالديار المصرية ، فلنذكر ما اتفق بالشام من حين ابتداء سلطنة السلطان الملك الظاهر إلى أن استقرت قواعد ملكه .
ذكر استيلاء الأمير علم الدين سنجر الحلبي على دمشق وسلطنته بها ، وأخذها منه ، وتقرير نواب السلطان بها
.
قد ذكرنا أن السلطان الملك المظفر سيف الدين قطز كان قد فوض نيابة السلطنة بدمشق للأمير علم الدين سنجر الحلبي ، فلما اتصل به خبر قتل الملك المظفر وثب على السلطنة بدمشق وحلف العساكر الشامية لنفسه ، ولقب نفسه بالملك المجاهد ، وركب بشعار السلطنة ، فلما اتصل ذلك بالسلطان الملك الظاهر كتب إليه يقبح فعله ويسترجعه عنه ، فعادت أجوبته بالمغالطة . فأرسل إليه السلطان الأمير جمال الدين أقن المحمدي يستميله ويرده عن تعاطي ما لا يتم له ، وسير إليه صحبته مائة ألف وعشرين ألف درهم وحوائص ووخلعا وملابس بألفي دينار عينا . فلما وصل ذلك إليه جلس الأمير علم الدين الحلبي مجلسا عاما للناس وأشهدهم على نفسه أنه قد نزل عن الأمر الذي كان قد استحلف الناس عليه ، وأنه من جملة النواب الظاهرية . ثم رجع عن ذلك وركب بشعار السلطنة على ما كان عليه أولا ، فركب الأمير علاء الدين ايدكين البندقدار وخرج إلى ظاهر دمشق ، ونادى باسم السلطان الملك الظاهر ومعه جماعة فساق بهم إلى جهة السواد ، فندب الحلبي جماعة لقتالهم ، فانهزم أصحاب الحلبي ، ثم رأى انحراف الناس عنه واتفاقهم عليه ، ففارق دمشق وتوجه إلى قلعة بعلبك . ودخل الأمير علاء البندقدار ودمشق ، وحلف الناس للسلطان الملك الظاهر وجهز إلى بعلبك من أحضر الحلبي تحت الاحتياط . وكتب بذلك إلى

الصفحة 20