كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)
"""""" صفحة رقم 203 """"""
منهم ، واستولى الفرنج على أثقالهم . فجمع نور الدين العساكر ، والتقاه في يوم الأربعاء الحادي والعشرين من صفر سنة أربع وأربعين وخمسمائة فقتله فرسانه واستولى على خيامه . وولى أنطاكية بعده الأبرنس أرناط ، فأقام إلى أن لقيه مجد الدين أبو بكر الملك العادل في المملكة الحلبية ، وذلك في صفر سنة إحدى وخمسين وخمسمائة فكسره وقتل أصحابه وأخذه أسيرا ، فأقام في حبس الملك العادل وملك أنطاكية وهو في الأسر رجل من ذريته اسمه بيمند وخلص أرناد ، وتزوج صاحبة الكرك وأقام بالحصن حتى ملكه السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وقتله .
وفي سنة أربع وثمانين وخمسمائة عقد السلطان الملك الناصر الكبير مبيمند صاحب أنطاكية هدنة لمدة ثمانية مائة أشهر من تشرين الأول إلى آخر آيار ، وحلفا على ذلك ، ورحل الناصر عنها وتوجه إلى حلب على ما ذكرناه في أخباره . ثم ملكها الإبرنس المعروف بالأسير ، وملكها ابنه بعده ، ثم ملكها بيمنده ولده أيضا ، وهو الذي أخذت منه الآن في الدولة الظاهرية .
هذا تلخيص خبر أنطاكية من حين عمرت إلى حين فتحت هذا الفتح .
ذكر ما اعتمده السلطان في قسمة غنائم أنطاكية وإحراقه قلعتها وما افتتحه مما هو مضاف إليها وهو : دير كوش وشقيف كفردنين وشقيف كفر تلميس
قال ولما فتحت أنطاكية وفرغ الناس من نهبها ، رسم السلطان بإحضار المكاسب للقسمة ، وركب وأبعد عن الخيام وحمل ما غنمه وما غنمه من مماليكه وخواصه . وقال للأمراء : " ينبغي أن تخلصوا ذمتكم وتحضروا ما غنمتوه ، وأنا أحلف الأمراء والمقدمين ، وهم يحلفون أجنادهم ومضافيهم " . فأحضر الناس الأموال والمصاغ من الذهب والفضة ، فطال الوزن ، فقسمت النقود بالكاسات والشربوشات ، ولم يبقى غلام إلا أخذ . وتقاسم الناس النسوان والبنات والأطفال وبيع الصغير بأثني