كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 205 """"""
بعد ذلك وحصنها أتم تحصين الملك نقفور ملك الروم الذي خرج إلى بلاد الشام في آخر سنة سبع وخمسين وثلاثمائةوقتل وسبى . ولما بنى هذه الحصن ، الذي هو حصن بغراس . رتب فيه نائبا له يعرف بالبرجي ، ورتب معه ألف رجل ، وحصت بغراس . ثم ملكه الفرنج وما زالوا يتداولونه ويحصنونه على طول المدد ، إلى أن ملكه السلطان الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب ، في ثاني شعبان سنة أربع وثمانين وخمسمائة ، على ما قدمناه ، ثم ملكه الديوية بعد ذلك .
ذكر الإغارة على صور
كانت قد تقررت مهادنة بين السلطان وبين صاحب صور ، فلما توجهت الرسل إليه حلف على بعضها ، واسقط فصولا لم يحلف عليها . فلما كان السلطان بالشام ، في سنة سبع وستين وستمائة ، ووقفت له امرأة ذكرت أنها كانت أسيرة في صور ، وأنها اشترت نفسها ثم قطعت على بنت لها قطيعة ، وحصلت من أوقاف دمشق مبلغا اشترتها به من صور بمكاتبة عليها خط الفرنج ، ولما خرجت بها إلى قرب بلاد صفد سير خلفها جماعة من صور أخذوا البنت منها ونصروها . فلما سمع السلطان كلامها غضب الله تعالى وكتب يطلب هذه البنت ، فاعتذروا بأنها تنصرت . وكان بالنواقير من جهة صفد جماعة " من المسلمين " سير صاحب صور أمسكهم وقتل منهم نفرين واعتقل الباقيين . وطلبهم السلطان فأصروا على منعهم ، فركب السلطان في العشرين من شهر رمضان ، وساق بنفسه ومن معه من العسكر الخفيف ، وتوجه الأمير جمال الدين المحمدي من جهة ، والأتابك من جهة ، ووصلوا إلى صور ، فأمسكوا جماعة من الرجال والنساء والصغار ، وهرب في ذلك الوقت للأمير جمال الدين أقش الرومي فنصره صاحب صور بوقته . وطلب منه فدافع عنه ، وأمسك السلطان عن إتلاف زرعه ورد الحريم والأطفال ورجع إلى المخيم وأمهل عليه مدة ، فلما استمر على منع البنت والملوك ، جرد السلطان جماعة لاستغلال بلاده .
ذكر الإغارة على بلاد كركر وأخذ قلعة شرموشاك
وفي هذه السنة توجهت الغيارة في البيرة وغيرها إلى جهة كركر فأحرقوا بلدها

الصفحة 205