كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 30)

"""""" صفحة رقم 208 """"""
جماعة حولهم . فسير كمندور أنطرطوس إلى السلطان يشفع الإخوة الديوية بصافيتا ، على أنه يأمرهم بالتسليم ، فأجابهم الشسلطان إلى ذلك ، فأرسل إليهم فنزلوا ، وكانوا سبعمائة رجل ، خارجا عن النساء والأطفال ، وأحضروا إلى السلطان وهو على حصن الأكراد ، فأطلقهم وجهز معهم من أوصلهم إلى مأمنهم ، وتسلم السلطان صافيتا وبلادها ، وتسلمت الحصون والأبراج المجاورة لحصن الأكراد ، مثل تل خليفة وغيره . وقد ذكرنا ما كان وقع من المهادنة على حصن الأكراد والمرقب ، ثم اتفق من بيت الاسبتار أمور أوجبت فسخ الهدنة : منها أن السلطان لما أغار على طرابلس في سنة وست وستين وستمائة ، وكتب إلى النائب بحمص بأن يقيم بحدود حصن الأكراد لدفع الضرر عن بلاد الهدنة وكتب إلى عدة جهات بالوصية بهم ، وحر رسول حصن الأكراد يسأل الوصية ، فأعطاهم علما برنكة .
ولما عبرت الأثقال من جهة القصب ، عبر أحد الحرافشة ومعه رفقه له على بستان بقرب تل خليفة المجاور للحصن فأخذوا منه شيئا لا قيمة له ، فأخذهم المقدم " الفرنجي " بتل خليفة وضرب رقاب بعضهم وأسر البعض . فنزل النائب بحمص على تل خليفة وطلب الخصوم . فامتنع النائب بها عن تسلميهم وقال : " أنا قتلت " ، واساء في القول . فحاصرهم " نائب حمص " وسير إليهم شجاع الدين عنبر ، فاحتال إلى أن استنزل الخصوم ، وسيروا إلى السلطان . فحضرت رسل من حصن الأكراد تطلبهم ، فأجابهم السلطان إنه لا بد من تحقيق هذه الواقعة ؛ فقوت نفوس الذين في الحصن . وغلق النائب " الفرنجي " باب الحصن ومنع الميرة ، وألبس جماعة العدد .
ولما رجع السلطان من طرابلس عند توجهه إلى أنطاكية ومر تحت الحصن متوجها إلى حمص ، فسير يقول : " ما كان ينبغي لكم تعبرون من ههنا إلا بأمري " . وقيل لهم : " لأي معنى غلقتم الأبواب ولبستم العدد ، وأنتم صلح ؟ " . فقال : " ما غلقناها إلا شفقة على عسكر السلطان من الفرنج الغرب الذين عندنا ، لأنهم لا يخافون الموت " . فعز ذلك على السلطان لأن الغرب الذين عنده عدتهم دون المائة نفر . وكان هذا الأمر مقدمة انحراف السلطان عليهم ؛ وبقي ذلك في خاطره . فلما توجه إلى الشام جريدة في سنة ثمان وستين وتوجه إلى حماة ثم رحل عنها في ثالث

الصفحة 208